كتابا لا يختلف عليه اثنان ، ثم قال : يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر " فإنهم وضعوه في مقابلة الحديث المروي عنه في مرضه " ائتوني بدواة وبياض أكتب لكم ما لا تضلون بعده أبدا " فاختلفوا عنده وقال قوم منهم : لقد غلبه الوجع حسبنا كتاب الله ونحو حديث " أنا راض عنك فهل أنت راض " ونحو ذلك . ثم نسب وضع حديث " لا يفعلن خالد ما أمر به " وحديث الشيخ الذي صعد المنبر يوم بويع أبو بكر ، فسبق الناس إلى بيعته وغيرهما إلى الشيعة . ثم قال : وأحاديث مكذوبة كثيرة تقتضي نفاق قوم من أكابر الصحابة والتابعين وكفرهم ، وعلى أدون الصفات فسقهم [1] ، فقابلتهم البكرية بمطاعن كثيرة في علي وفي ولديه ، ونسبوهم تارة إلى ضعف العقل ، وتارة إلى ضعف السياسة ، وتارة إلى حب الدنيا والحرص عليها ، ولقد كان الفريقان في غنية عما اكتسباه واجترحاه . ولقد كان في فضائل علي ( عليه السلام ) الثابتة الصحيحة ، وفضائل أبي بكر المحققة المعلومة ، ما يغني عن تكلف العصبية لهما ، فإن العصبية لهما أخرجت الفريقين من ذكر الفضائل إلى ذكر الرذائل ، ومن تعديد المحاسن إلى تعديد المساوي والمقابح ، ونسأل الله تعالى أن يعصمنا من الميل إلى الهوى وحب العصبية [2] انتهى . اعلم أننا لا نجزم بكون كل رواية نقلها الشيعة في فضائل أهل البيت ( عليهم السلام ) ورذائل الثلاثة صادرة من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ولا ننكر احتمال الكذب في بعضها ، لكن لا نحتاج إلى ذلك ، فلذلك لم ننقل كل الأحاديث التي نسب إلى الشيعة وضعها ، لأن وضعها على تقدير التسليم لا يضرنا ، لأن مدار استدلالنا على ما عرفت إنما هو القرآن والأخبار التي نقلها أهل السنة أيضا ، وقد عرفت من قريب أمارات الصدق فيها ، وقد عرفت دواعي الكذب فيما رووا من فضائل الثلاثة ، وأمارات الكذب فيما
[1] في الشرح : وعلي أدون الطبقات فيهم . [2] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 11 : 49 - 50 .