وأنكر الفرار من الزحف ، وقال : وأما باقي الأخبار ، فالمراد فيها الإخبار عن صحة ظنه وصدق فراسته ، وهو كلام يجري مجرى الأمثال ، فلا يقدح ما ذكروه . وقال في دفع العذاب بعمر ما حاصله : أن عمر نهى عن أخذ الفدية عن أسارى بدر ، فأنزل الله تعالى * ( لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ) * [1] وقال : إذا كان القرآن نطق بذلك ، لم يلتفت إلى طعن من طعن في الخبر . ووجه كون عمر سراج أهل الجنة باستضاءة من يستحق الجنة بعلم عمر في الدنيا ، كما يستضاء بالسراج [2] . وبما ذكرته في رواية المحدث ظهر بطلان توجيه رواية السراج ، والفرار من الزحف ثابت . ونقل ابن أبي الحديد روايات كثيرة دالة على فراره في موضع آخر ، وقوله " إذا كان القرآن نطق بذلك " الخ توهم محض ، لأنه لا دلالة فيه على أن عدم نزول العذاب كان ببركة عمر أو بدعائه . قال ابن أبي الحديد بعد التوجيهات المذكورة : واعلم أن من تصدى للعيب وجده ، ومن قصر همته على الطعن على الناس انفتحت له أبواب كثيرة ، والسعيد من أنصف من نفسه ورفض الهوى وتزود التقوى [3] انتهى . اعلم أن طريقة طالب النجاة أن لا يرجح مسألة بتبعية الآباء والكبراء ، والدواعي الباطلة والأهواء ، بل إن كانت مما يطلب فيه اليقين ، فيطلب اليقين بعد تخلية النفس عما يصدها عن الوصول إلى الحق ، ثم يجاهد ويسعى حتى يهديه الله سبيله ، وبعد ما رعى شرائط الوصول إلى الحق ووصل إليه ، يجب رد روايات منافية لا تحتمل الجمع بسهو بعض الرواة ، أو تعمد كذبه مجملا ، لعدم اجتماع الحق في