وأما الخامسة ، فتدل على تنبيههم عمر عما لا يجتنب منه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، والداعي على افتعال هذه الرواية اهتمامهم في تننزيه عمر عن الباطل ، فهل لم يكن يكشف بيت فاطمة ( عليها السلام ) ، وإيذاؤها وإيذاء أهل البيت ( عليهم السلام ) وتكذيب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والفرار من الزحف باطلة ؟ وكان سماع شعر يسمعه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) باطلا . وما وجهه ابن أبي الحديد بأنه جوز رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يذكر الشاعر في شعره ما يقتضي الانكار ، فيعنف عمر على مقتضى فظاظته ، فأراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يرده بالرفق إن قال في شعره ما يوجب الرد [1] . مردود ، لأنه مع بعده من سياق الرواية ، فأي وجه لرد عمر على الشاعر وفظاظته عليه عند حضور رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهل هذا إلا توهم دفع طعن بالتزام طعن آخر . وفي السادسة دلالة على رجحانه على أبي بكر وهو خلاف روايتهم ، وعلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو خلاف طريقة الإسلام ، وحمل الرجحان على فتح البلدان - كما توهم ابن أبي الحديد [2] - لا وجه له ، لأن المقصود من رجحان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على الأمة ليس رجحانه عليهم في فتح البلدان ، بل المقصود رجحانه عليهم في الثواب والكمال ، كما يعلمه كل من له أدنى تميز ، فما ذكره يشهد على بطلانه السياق ، وبأكثر ما ذكرته سابقا أيضا يظهر بطلان هذه الرواية . فإن قلت : يندرج في الأمة الذين ظهر رجحان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عليهم أبو بكر وعمر ، وأبو بكر خارج عن الأمة الذين ظهر رجحانه عليهم ، وعمر أيضا خارج عن الأمة الذين ظهر رجحانه عليهم ، فاندفع الاشكالان . قلت : لا يتعارف إرادة مثل هذا التخصيص عن مثل هذه العبارة ، بل ظاهر
[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 12 : 181 . [2] شرح نهج البلاغة 12 : 181 .