المقصد الأول فيما يتعلق بالصانع وفيه مباحث : المبحث الأول في إثبات الصانع برهانه : إن سلسلة الموجودات : إما أن تكون مشتملة على ما يجب صدق الموجود عليه لذاته مع قطع النظر عن جميع ما هو خارج عنه ، أو لا . وعلى الثاني نقول : إذا وجد ممكن فلا بد أن يكون مفيض وجوده موجودا مع وجوده ، فلما كان المفيض أيضا ممكنا موجودا ، فمفيض وجود هذا المفيض أيضا موجود معهما وهكذا ، فيلزم اجتماع الموجودات المترتبة الغير المتناهية ، والتالي باطل . أما الملازمة ، فغنية عن البيان . وأما بطلان التالي [1] ، فلأن المعلول الأخير في سلسلة ما متصف بإضافة المعلولية فقط ، وكل واحد من السلسلة المذكورة غير المعلول الأخير متصف بإضافة العلية والمعلولية ، فتحقق هنا سلسلتان غير متناهيتين ، إحداهما سلسلة العلية ، والأخرى سلسلة المعلولية ، وعدد المعلولية زائد على عدد العلية بواحد ، لاشتراك ما عدا المعلول الأخير في العلية والمعلولية ، واختصاص الأخير بالمعلولية . وجعله علة لحصول المجموع ، أو جعله علة لأمر آخر غير حصول المجموع لو فرض كون كل معلول علة لمعلول آخر ، لا يضر هاهنا ، لأن لنا أن نأخذ واحدا من
[1] لم أتعرض لإبطال الدور اللازم على تقدير انقطاع السلسلة ، بصيرورة بعض المعلولات علة لعلته ، على ما يذكره جماعة ، لعدم تجويزه عقل أحد بادي الرأي حتى يحتاج إلى الإبطال " منه " .