واحدا يمشي أمام راحلته متى ما يركب ، ويغيب عن النظر في المنزل . فسأل يوما بعض أهل القافلة عن حال ذلك الرجل ، فقيل له : إنه كلما يأتي المنزل يأخذ منا شيئا من الطعام ، ثم لا يبصره إلى أوان الرحيل ، فازداد جناب الآخوند بذلك تعجبا ، وانتظر زمن التحويل في الليلة الآتية . فلما جاء الوقت رآه قد حضر ، وجعل يمشي بين يديه على سياقه السابق ، فأخذ جنابه في هذه المرة النظر في أطراف الرجل ، وتأمل في كيفية مسيره ، فظهر أنه يمشي على الهواء ، ولا يمس برجليه الأرض ، فأوجس في نفسه خيفة من عظم ما رآه . ثم طلب الرجل وسأله عن حقيقة أمره ، فقال : أنا رجل من الجن ، وكنت قد عاهدت الله تعالى لئن نجاني الله من كربة عظيمة كانت قد نزلت بي أخرج ماشيا إلى زيارة مولانا الحسين ( عليه السلام ) في موكب واحد من علماء الشيعة ، فلما سمعت بخبر خروجك إلى هذه الزيارة ، اغتنمت الفرصة ، وألحقت نفسي بخدمتك وصحبتك كما ترى . فسأله المولى عن واقعة ذلك الطعام الذي كان يأخذه من القافلة حين وروده على المنازل ، مع أنه ليس بأكله كصنع مشاكله ، فقال : أنا آخذه وأبذله لفقراء القافلة ، فقال : وأي شئ يكون طعامكم معاشر الجن ؟ قال : متى نجد وجها مليحا وجسدا صحيحا من بني آدم نضمه إلى صدورنا ، ونشمه من غاية حبورنا ، ونتقوى بذلك كما يتقوى الآدميون بطعامهم وشرابهم ، فمهما ترون في أحد من أولئك اختلالا في الدماغ والعقل ووحشة في الصدر والرأس ، فهو من أثر ذلك المس ، وعلاج ذلك أن يؤخذ لصاحب هذه العلة شئ من ماء السداب ، وإن كان ممزوجا بالخل فهو أحسن ، ويقطر قطرة منه في أحد منخريه ، فإنه يقتل ذلك الجني الذي قد أصاب ، ويبرأ هو بإذن الله . قال : فمضى من ذلك زمان ، ثم إنه اتفق أنا وردنا في بعض المنازل على رجل من