عائشة : إن أبا بكر رجل رقيق فمر عمر ، فقال : مروا عمر ، فقال عمر : ما كنت لأتقدم وأبو بكر شاهد ، فتقدم أبو بكر ، فوجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خفة فخرج ، فلما سمع أبو بكر حركته تأخر ، فجذب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثوبه ، فأقامه مكانه وقعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقرأ من حيث انتهى أبو بكر . قلت : عندي في هذه الواقعة كلام ، وتعترضني فيها شكوك واشتباه ، إذا كان قد أراد أن يبعث إلى علي ( عليه السلام ) ليوصي إليه ، فنفست عائشة عليه فسألت أن يحضر أبوها ، ونفست حفصة عليه فسألت أن يحضر أبوها ، ثم حضرا ولم يطلبا ، فلا شبهة أن ابنتيهما طلبتاهما ، هذا هو الظاهر ، وقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقد اجتمعوا كلهم عنده " انصرفوا فإن تكن حاجة لي بعثت إليكم " قول من عنده ضجر وغضب باطن لحضورهما ، وتهمة للنساء في استدعائهما ، فكيف يطابق هذا الفعل ما روي من أن عائشة قالت لما عين على أبيها في الصلاة : إن أبي رجل رقيق فمر عمر ، وأين ذلك الحرص من هذا الاستعفاء والاستقالة ؟ وهذا يوهم صحة ما تقوله الشيعة من أن صلاة أبي بكر كانت بأمر عائشة ، وإن كنت لا أقول بذلك ولا أذهب إليه ، إلا أن تأمل هذا الخبر ولمح مضمونه يوهم ذلك ، فلعل هذا الخبر صحيح ، هذا كلامه . ثم أشكل في الخبر إشكالا آخر ، وهو عدم جواز نسخ أمر أبي بكر بالصلاة بأمر عمر بها قبل مضي ما هو شرط جواز النسخ . وقال : فإن قلت : لم قلت في صدر كلامك هذا أنه أراد أن يبعث إلى علي ليوصي إليه ؟ ولم لا يجوز أن يكون بعث إليه لحاجة له ؟ قلت : لأن مخرج كلام ابن عباس هذا المخرج ، ألا ترى أن الأرقم بن شرحبيل الراوي لهذا الخبر قال : سألت ابن عباس هل أوصى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ فقال : لا فقلت : فكيف كان ؟ فقال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال في مرضه : ابعثوا إلى علي فادعوه ، فسألته المرأة أن يبعث إلى أبيها ، وسألته الأخرى أن يبعث إلى أبيها ،