الدليل الثاني من دليلي الطائفة الأولى على إمامة أبي بكر ما حاصله مع تقريب ما : أن الإمامة إما بالنص على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، أو بالإجماع على أبي بكر ، لظهور بطلان إمامة العباس التي نشأ القول بها بعد القولين بمدة ، للتقرب إلى بعض السلاطين من أولاده ، والأول باطل بوجهين ، فالحق هو الثاني ، أحدهما : أنه لو كان النص على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) متحققا لكان ظاهرا على كثير من أهل السقيفة ، لتوفر الدواعي وقرب العهد ، مع حضور أكثر الصحابة فيها ، ولو كان ظاهرا لهم لكانوا يظهرونه ويقولون : صاحب الحق غيركم بنص رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولا حاجة إلى المشاورة في أمر الخلافة والمنازعة فيها . والوجه الثاني : أن النص لو كان متحققا لكان الواجب على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إظهاره وسؤاله عن المهاجرين والأنصار المطلعين على النص أن يشهدوا له به . فإن قيل : يمنع الخوف عن الإظهار . قلنا : فكيف لم يمنعه من الامتناع عن البيعة وعن إظهار أولويته بالأمر ومنعه عن إظهار النصوص ، ولو منعه فلم لم يصرح من سمع من الصحابة ؟ حتى يظهر الحق على الناس ، ولا يبقى لأحد مطمع في أمر الخلافة . وأيضا لا جهة للخوف من إظهار الحق ، لكون الخلفاء بعد استقرار السلطنة وقطع الطمع عن الغير في أمرهم ، كثيرا ما أفتوا بما هو مخالف للشرع جهلا بالأمور ، ويظهر العالم بالمسألة خطأهم ، فيرجع الخليفة بمشهد من الناس عن قوله ويتبع قول ذلك البعض ، مظهرا للسرور بصيرورته وسيلة لاستنقاذه عن الهلاك . وأي خوف من أمثال هذه الجماعة لإظهار الحق ، فلعلك ظننت أنهم مثل الجبابرة والأكاسرة كانت همتهم الغلبة والاستيلاء بأي وجه كانا ، وسيرة الخلفاء