فإن قلت : يدل على كون بيعته ( عليه السلام ) مقرونة بالرضا ، وعدم كون الخلافة حق أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قبل الثالث ، ترك المحاربة مع الثلاثة ، مع غاية الشجاعة وتبعية جماعة من كمل الصحابة ومحاربته ( عليه السلام ) مع أصحاب الجمل وصفين مؤيدة لما ذكر . قلت : لما تحقق أمر البيعة في السقيفة بالحيلة والمغالبة في المتبوع ، وللطمع في بعض ، والشبهة في بعض ، وتبعية الأكابر في الجماعة التي لا مدرك لهم ، اشتد أمر السلطنة بحيث يحتاج المحاربة معهم إلى جمعية عظيمة لم تكن مع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والمؤيد الذي ذكرته لا تأييد فيه أصلا ، لأن محاربته ( عليه السلام ) مع الطائفتين إنما كانت بعد تحقق السلطنة والشوكة ، فأي نسبة بين الأمرين ؟ ويؤيد ما ذكرته من قلة الناصر ، ما نقله عبد الحميد بن أبي أبي الحديد في شرح نهج البلاغة بقوله ويقال : إنه ( عليه السلام ) لما استنجد بالمسلمين عقيب يوم السقيفة وما جرى فيه ، وكان يحمل فاطمة ( عليها السلام ) ليلا على حمار وابناها بين يدي الحمار ، وهو ( عليه السلام ) يسوقه ، فيطرق بيوت الأنصار وغيرهم ، ويسألهم النصرة والمعونة ، أجابه أربعون رجلا ، فبايعهم على الموت ، وأمرهم أن يصبحوا بكرة محلقي رؤوسهم ومعهم سلاحهم ، فأصبح لم يوافه منهم إلا أربعة الزبير والمقداد وأبو ذر وسلمان ، ثم أتاهم من الليل فناشدهم ، فقالوا : نصبحك غدوة ، فما جاءهم منهم إلا الأربعة ، وكذلك في الليلة الثالثة ، وكان الزبير أشدهم له نصرة ، وأنفذهم في طاعته بصيرة ، حلق رأسه وجاءه مرارا وفي عنقه سيفه ، وكذلك الثلاثة الباقون ، إلا أن الزبير هو كان الرأس فيهم ، وقد نقل الناس خبر زبير لما هجم عليه ببيت فاطمة ( عليها السلام ) وكسر سيفه في صخرة ضربت به [1] . ومما يؤيد ما ذكرته : أنه مع عظم سلطانه ( عليه السلام ) ووضوح بطلان معاوية ، تحقق