التي كانت بيني وبينكم عن الخير ، ولكن سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : لا نورث ما تركناه صدقة ، إنما يأكل آل محمد في هذا المال ، وإني والله لا أدع أمرا صنعه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلا صنعته إن شاء الله ، ثم ساق الكلام إلى بيعته [1] . وجه التأييد : تصريحه ( عليه السلام ) بأنه لم يكن مانعه من البيعة إنكار الفضيلة والنفاسة ، وما يشتمل كلامه ( عليه السلام ) عليه من أن الخلافة خير ساقه الله تعالى إلى أبي بكر ، فلو لم يكن أهلا لها لم يعبر ( عليه السلام ) عنها بالخير ، ولم ينسب سياقه إلى الله تعالى . وبعد ما صرح ( عليه السلام ) أن مانعه من البيعة لم يكن ما ربما يتوهم الجاهل بمرتبة أبي بكر ، قال : مانعه أنه يرى أن له في هذا الأمر حقا فاستبددتم علينا ، ومراده ( عليه السلام ) من هذا الأمر إما الخلافة ، وإما المشورة ، والأول باطل ، لأنه صرح باستحقاق أبي بكر للخلافة ، وأن المانع لم يكن إنكارا لفضيلته والنفاسة ، علم أنه كان ( عليه السلام ) عالما باستحقاق أبي بكر للخلافة ، فتعين الثاني . وصيرورة الوحشة مانعة لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن تعجيل البيعة أقوى دليل على عدم منافاة التأخير في مثل هذا الأمر العظيم للوحشة للكمال ، لأنه بهذا الحديث الصحيح ظهر أن الوحشة كانت هي الباعثة على تأخيره ( عليه السلام ) عن البيعة ، وبالأخبار الصحيحة المتظافرة مثل حديث الطائر والمنزلة والراية وغيرها من الأخبار الكثيرة ظهر كونه ( عليه السلام ) في أعلى مراتب الكمال ، فوجب أن يحمل أن صيرورة الوحشة باعثة على تأخير مثل هذا الأمر ، والامتناع عنه مثل هذه المدة ليست قادحة في الكمال . فظهر التأييد وتم المقصود بهذا الخبر الذي رواه مسلم الذي من أجلة الناقدين للأخبار ، وبهذا التجويز والتأييد خرجت بيعة المهاجرين والأنصار عن البطلان ،