قلت : إن كان الأنصار متهمين بالباطل ، يمكن [1] أن يكون قولهم بخلافة أبي بكر أيضا للدواعي لا الاعتقاد ، والعبرة في الاجماع هي الاعتقاد لا القول على تقدير تسليم الاتفاق في القول ، واتهامكم في أموركم مثل اتهام الأنصار أو أزيد ، كما ظهر
[1] خلاصة الكلام : أنه هل كان الأنصار معتمدين عندكم في الأمر الديني أم لا ؟ فعلى الأول لم يصلح اجتماعهم في السقيفة لسببية ترك المهاجرين تجهيز رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وإن لم يكونوا معتمدين ، فلا دلالة في بيعتهم على كونها على وفق الضمير . فإن قلت : وإن كانوا معتمدين ، والمعتمدون يجتنبون عن تعمد الظلم والطغيان ، لكن لم يكونوا محروسين عن الخطأ والنسيان ، فيمكن صدور بيعة غير المستحق خطأ عن بعضهم ، وعن بعض آخر بتبعيته ذلك البعض ، لأن عامة الناس لا مدرك لهم ، بل ينظرون إلى فعل كبرائهم ، وعن بعضهم للخوف بقوة حال غير المستحق ببيعة الطائفتين ، وطريقة العرب اهتمامهم في رعاية العهد والبيعة بأي وجه كان ، فيمكن منه حمية كلهم أو جلهم عن الرجوع عن مقتضى البيعة على تقدير ظهور الخطأ ، واعتمادهم في ترك تعمد بيعة غير المستحق لا يستلزم اعتمادهم في نقض البيعة الفاسدة على تقدير ظهور الخطأ وترك الحمية المذمومة ، وهذا القدر كاف للمسارعة إلى السقيفة . ألا ترى أن بشير بن سعد تكلم بما تكلم بعد سماع كلام المهاجرين ، وقبله لم يتكلم هو ولا غيره بمثل هذه المقالة ، إما لعدم علمهم بقباحة البيعة على الأنصار ، وإما لعدم التأثير بغير معاونة المهاجرين ، فلو لم يحضر المهاجرون وتأخروا عن حضور السقيفة ، لم يبعد من ظاهر المكالمة المنقولة عن الأنصار بيعة جمع على واحد منهم ، والترتب على بيعتهم بيعة باقي الأنصار لتبعية الكبراء أو الخوف كما ذكرته ، وقوة حال الأنصار بغير حجة شرعية وعدم إمكان معارضتهم بعد القوة وتحقق المقدرة ، لكون معارضة أصحاب المقدرة والسلطنة في عرضة الآفات العظيمة . قلت : ما جوزت من الأنصار يجري في مجموع المهاجرين والأنصار الذين اجتمعوا في السقيفة مع مزيد ، وهو تعمد بعض المهاجرين في الظلم والطغيان ، وعدم مبالاتهم بقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والعصيان ، ومع كفاية الاحتمال هاهنا يحصل لك بالتأمل - فيما ذكرناه في الكتاب ونذكره - العلم القطعي بتحقق مقتضى الاحتمال ، فتأمل " منه " .