وكان لإبراهيم ( عليه السلام ) ثلاث زيارات لإسماعيل قبل بناء البيت وعند زيارة إبراهيم الأولى ، لم يجد إبراهيم الحفاوة والتكريم المعهود في عصره من زوجته ( زوجة إسماعيل ) بعد أن كان إسماعيل غائبا عنها في الصيد . فترك رسالة شفوية رمزية . تقول له " غير عيشت دارك " [1] . ومفادها أن يطلق زوجته فامتثل إبراهيم ( عليه السلام ) أمر أبيه وطلق زوجته وتزوج بثانية . وعندما زاره للمرة الثانية وجد الحفاوة التامة والكرم حتى أنها ( زوجة إسماعيل الثانية ) غسلت رأسه من غبار التعب . فترك إبراهيم ( عليه السلام ) رسالة شفوية أخرى تقول له " حافظ على عيشت دارك " [2] . وأما الزيارة الثالثة . فقد جاء بأمر عظيم . ألا وهو الأمر الإلهي ببناء الكعبة لتكون مثابة للناس وأمنا ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ) [3] . ولما فرغ إبراهيم وإسماعيل من البناء أتاه جبرائيل ( عليه السلام ) وأقاما مراسم الحج معا لتكون سنة للأجيال القادمة وعندها دعا إبراهيم الناس للحج ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ظامر يأتين من كل فج عميق ) [4] . إسماعيل ( عليه السلام ) الذبح : عندما تقترن الزعامة بالنبوة . تصح لها نكهة خاصة تجذب إليها النفوس الكريمة وتهوى إليها الأفئدة الطاهرة . ويقترب منها الصالحين من الناس . وعندما يختار الله سبحانه وتعالى عبدا لحمل رسالته . يدخله في دورة من الابتلاءات والامتحانات حتى تكمل شخصيته ويكون مؤهلا لحمل الرسالة . وإسماعيل ( عليه السلام ) واحدا من أولئك العبيد الصالحين الذين اختارهم الله لرسالته وأدخله دورة تأهيلية لحمل النبوة . ومن مفردات تلك الدورة قصة الذبح . حيث يرى إبراهيم ( عليه السلام ) في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل ( يا بني إني أرى في المنام إني أذبحك ) [5] ورؤيا الأنبياء صادقة كاليقظة . فيلبي إبراهيم أمر به ، وفي رحلة الحج أو غيرها يقف إبراهيم على إسماعيل وهو يصلح النيل للصيد ليبلغ إسماعيل ( عليه السلام ) بالأمر الصعب . فهل يستجب له كما استجاب في المرات السابقة من الطلاق وبناء البيت والحج وغيرها : نعم فكان الرد ( يا أبتي افعل ما تؤمر ستجدني إنشاء الله من
[1] الكامل في التاريخ 1 / 90 ، مروج الذهب 2 / 47 ، 48 . [2] الكامل في التاريخ 1 / 90 ، مروج الذهب 2 / 47 ، 48 . [3] البقرة : 127 . [4] الحج : 27 . [5] الصافات : 102 .