يا أيها الرجل المحول رحله * هلا نزلت بآل عبد مناف هبلتك أمك لو حللت بدارهم * ضمنوك من جوع ومن إقراف عمرو العلى هشم الثريد لقومه * ورجال مكة مسنتون عجاف نسبوا إليه الرحلتين كليهما * عند الشتاء ورحلة الأصياف الآخذون العهد في آفاقها * والراحلون لرحلة الإيلاف [1] تولى الزعامة بعد هاشم بن عبد مناف أخيه المطلب بن عبد مناف وكان أصغر من عبد شمس وهاشم وكان ذا شرف في قومه وفضل سيدا مطاعا في قومه ، وكانت قريش تسميه الفيض لسماحته ، فولي بعد هشام السقاية والرفادة ، وهو الذي عقد الحلف لقريش مع النجاشي في متجرها ، وخرج مرة لتجارة إلى أرض اليمن وتوفي بردمان من بلاد اليمن [2] . زعامة عبد المطلب لما أراد هاشم الخروج إلى الشام حمل امرأته سلمى بنت عمرو إلى المدينة لتكون عند أبيها وأهلها وكان معه ابنه ( شيبة ) . فلما توفي هاشم في سفره . أقامت بالمدينة مع ابنها . واتفق أن مر رجل من تهامة بالمدينة فرأى غلمان يتناضلون فإذا غلام منهم إذا أصاب يقول أنا ابن سيد البطحاء ، فقال له الرجل من أنت يا غلام فقال : أنا شيبة بن هاشم بن عبد مناف ، وانصرف الرجل حتى قدم مكة فوجد المطلب جالسا في الحجر . فقص الرجل على ما رأى من ابن أخيه فقال المطلب أغفلته أما والله لا أرجع إلى أهلي حتى اكتيه ؟ ؟ . ثم خرج على راحلته حتى أتى بني عدي بن النجار فلما نظر إلى ابن أخيه قال هذا ابن هاشم فأردفه خلفه وعاد به إلى مكة ، وقال البعض من غير علم أمه وزعم الآخرون كان بإجازة من أمه . فلما استقبل أهل مكة المطلب وهم يرحبون به ويحيونه ويقولون من هذا الذي معك . فيجيب هذا عبدي ابتعته بيثرب . وبقيت قريش إذا رأته تقول هذا عبد المطلب . فلج اسمه عبد المطلب وترك شيبة [3] . هذه هي قصة اليتيم الثاني بعد قصي وكل كانت له زعامة استثنائية وننتظر اليتيم الثالث في مكة الذي تزعم الإنسانية كلها وإلى الأبد ذلك رسول الله محمد ( صلى الله عليه وآله ) . ولما حضر رحيل المطلب إلى اليمن قال لعبد المطلب : أنت يا بن أخي أولى بموضع أبيك فقم بأمر مكة فتوفي المطلب في سفره . فقام عبد المطلب بأمر مكة .
[1] تاريخ اليعقوبي 1 / 295 . [2] سيرة ابن هشام 1 / 144 ، طبقان ابن سعد 1 / 62 ، اليعقوبي 1 / 296 . [3] تاريخ اليعقوبي 1 / 227 ، 276 ، سيرة ابن هشام 1 / 144 - 145 .