نام کتاب : رؤية الله في ضوء الكتاب والسنة والعقل نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 110
ذلك إن للإنسان شعورا بربه غير ما يعتقد بوجوده من طريق الفكر واستخدام الدليل ، بل يجد وجدانا من غير أن يحجبه عنه حاجب ولا يجره إلى الغفلة عنه اشتغاله بنفسه ومعاصيه التي اكتسبها ، والذي يتجلى من كلامه سبحانه إن هذا العلم المسمى بالرؤية واللقاء يتم للصالحين من عباد الله يوم القيامة ، فهناك مواطن التشرف بهذا التشريف ، وأما في هذه الدنيا والإنسان مشتغل ببدنه ومنغمر في غمرات حوائجه الطبيعية وهو سالك لطريق اللقاء فهو بعد في طريق هذا العلم لم يتم له حتى يلقى ربه ، قال تعالى : ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ) ( الانشقاق / 6 ) . فهذا هو العلم الضروري الخاص الذي أثبته الله تعالى لنفسه وسماه رؤية ولقاء ، ولا يهمنا البحث عن أنها على نحو الحقيقة أو المجاز ، والقرآن أول كاشف عن هذه الحقيقة على هذا الوجه البديع ، فالكتب السماوية السابقة على ما بأيدينا ساكتة عن إثبات هذا النوع من العلم بالله وتخلو عن الأبحاث المأثورة عن الفلاسفة الباحثين عن هذه المسائل ، فإن العلم الحضوري عندهم كان منحصرا في علم الشئ بنفسه حتى يكشف عنه في الإسلام ، فللقرآن المنة في تنقيح المعارف الإلهية [1] . هذا التفسير للرؤية القلبية مما أفاده أستاذنا العلامة الطباطبائي ( رحمه الله ) ، ولكن ربما يفسر بالعلم القطعي الضروري الذي لا يتردد