نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 583
والعجب أن دعاة القومية في البلاد الإسلامية لم يكونوا مسلمين ، بل تربوا في أحضان الاستعمار [1] وأخذوا بإثارة النعرات الطائفية . وفي ظل هذه الدعوة البغيضة انفصمت عرى الخلافة الإسلامية وتمزقت أوصالها ، وعادت بشكل دويلات صغيرة ، وأضحت لقمة سائغة للاستعمار قابعة تحت نيره . موقف الإسلام حيال القومية إن الإسلام يحترم كافة القوميات دون أن يرجح قومية على أخرى ، بل ينظر إلى الجميع بعين الأخوة ، ويقول : * ( إنما المؤمنون إخوة ) * ويقول أيضا : * ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) * . ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه شئ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى . [2] فهذه هي الوصفة التي كتبها الإسلام لإسعاد البشرية كافة ، ومع ذلك لم يلغ القومية وإيجابياتها بل أحترمها . روى المفسرون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما هاجر عن مكة المكرمة ووصل في طريقه إلى " جحفة " تذكر موطنه وحن إليه فامتلأت عيناه بالدمع ، فنزل عليه أمين الوحي يسليه بالآية المباركة : * ( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ) * [3] . وقد حقق سبحانه وعده ، ففتح النبي صلى الله عليه وآله وسلم مكة بعد ثمانية أعوام ودخلها من ناحية " أذاخر " وهي أعلى نقطة في مكة ، ولما وقع نظره على الكعبة وبيوتات مكة هاج به الحزن ، وقال مخاطبا ربوعها باني أحبك ولولا أني هجرت لما تركتك .
[1] أنظر المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام . [2] مسند أحمد : 4 / 270 . [3] القصص : 85 .
583
نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 583