نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 552
فما هو المراد - يا ترى - بالبيت الذي جاء بصيغة المفرد ؟ فعندئذ يجب على المفسر المحقق المجرد من كل عقيدة مسبقة تبيين هذا البيت وتعيينه ، فهذا البيت ليس من بيوت نسائه ، ولا بيوت نفس النبي بشهادة ما مضى من أن القرآن عندما يتحدث عن أزواج النبي ونفس النبي إنما يتحدث عن بيوت لهن لا عن البيت الواحد . فلا محيص عن تفسيره ببيت واحد معهود فأي بيت ذاك ؟ فعلى الأستاذ تعيينه . هذا إذا كان المراد من البيت هو البيت المحسوس ، أي البيت المادي وهناك احتمال آخر وهو أن يكون المراد منه هو مركز الشرف ومجمع السيادة و العز ، وإن شئت قلت إذا أريد منه بيت النبوة وبيت الوحي ومركز أنوارهما فلا يصح أن يراد منه إلا المنتمون إلى النبوة والوحي بوشائج روحية خاصة على وجه يصح مع ملاحظتها ، عدهم أهلا لذلك البيت ، وتلك الوشائج عبارة عن النزاهة في الروح والفكر . ولا يشمل كل من يرتبط ببيت النبوة عن طريق السبب أو النسب فحسب ، و في الوقت نفسه يفتقد الأواصر الروحية الخاصة ، ولقد تفطن العلامة الزمخشري صاحب التفسير لهذه النكتة ، فهو يقول في تفسير قوله تعالى : * ( أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ) * [1] : لأنها كانت في بيت الآيات ومهبط المعجزات والأمور الخارقة للعادات فكان عليها أن تتوقر ولا يزدهيها ما يزدهي سائر النساء الناشئات في غير بيوت النبوة ، وأن تسبح الله وتمجده مكان التعجب ، وإلى ذلك أشارت الملائكة في قولها : * ( رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت . . . ) * أرادوا أن هذه وأمثالها مما