نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 517
هذا هو الذي يتبناه الغرب ، فالمرأة لا بد لها أن تشارك الرجل في ميادين الحرب والقتال والسياسية والزعامة وميادين العمل والاستثمار ولا يترك ميدانا خاصا للمرأة أو الرجل إلا يسوقهما إليه بدعوى المساواة . ولكن القرآن يتبنى العدالة بين الرجل والمرأة ويخالف المساواة ، إذ ربما تكون المساواة ضد العدالة ، وربما لا تنسجم مع طبيعتها ، ومن يدعي المساواة ، فكأنه ينكر الفوارق الموجودة في نفسياتهما وغرائزهما ، ويتعامل معهما معاملة إنسان استلبت عنه الغرائز الفطرية ولم يبق فيه رمق إلا القيام بالأعمال المخولة له . وهذا موضوع هام يحتاج إلى التشريح والتبيين حتى يتضح من خلاله موقف القرآن . إن التساوي في الإنسانية لا تعني التساوي في جميع الجهات ، وفي القدرات والغرائز والنفسيات ، حتى يتجلى الجنسان ، جنسا واحدا لا يختلفان إلا شكليا ، ومن يقول ذلك فإنما يقول في لسانه وينكره عقله ولبه . لا شك أن بين الجنسين فوارق ذاتية وعرضية ، فالأولى نابعة من خلقتها ، والثانية تلازم وجودها حسب ظروفها وبيئتها ، وبالتالي صارت تلك الفوارق مبدأ للاختلاف في المسؤوليات والأحكام . جعل الإسلام فطرة المرأة وخلقتها ، المقياس الوحيد في تشريعه وتقنينه والتشريع المبني على الفطرة يتماشى معها عبر القرون ، وهذا هو سر خلود تشريعه ، وأما التشريع الذي لا يأخذ الفطرة بنظر الاعتبار ، ويقنن لكل من الأنثى والذكر على حد سواء فربما لا ينسجم مع الفطرة والخلقة ويخلق تعارضا بين القانون ومورده ويورث مضاعفات كثيرة كما نشاهده اليوم في الحضارة الغربية .
517
نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 517