نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 510
عند الروم واليونان تدور على أن الأنثى من جنس الحيوان أو من جنس برزخي يتوسط بين الحيوان والإنسان ، وكان الرجل يتشاءم إذا أنجبت امرأته أنثى ويظل وجهه مسودا متواريا عن أنظار قومه وكأنها وصمة عار على جبينه قال سبحانه : * ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أو يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون ) * [1] . فلم يكن للرجل بد إلا وأد بناته وقتلهن إثر الجهل بكرامة المرأة وفضيلتها ظنا منه أنه يحسن صنعا ، وهذا هو القرآن الكريم يندد بذلك العمل ويشجبه ويقول : * ( وإذا المؤودة سئلت * بأي ذنب قتلت ) * [2] . وفي خضم تلك الأفكار الطائشة نجد القرآن الكريم يصف المرأة بأنها أحد شطري البنية الإنسانية ويقول : * ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل ) * [3] فالأنثى مثل الذكر يشكلان أساس المجتمع دون فرق بينهما . ومن جانب آخر يرى للأنثى خلقة مستقلة مماثلة لخلقة الذكر دون أن تشتق الأنثى من الذكر ، على خلاف ما عليه سفر التكوين في التوراة من أن الأنثى خلقت من ضلع من أضلاع آدم ، يقول سبحانه شاطبا على تلك الفكرة التي تسربت إلى الكتاب الإلهي ( التوراة ) : * ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ) * [4] . فالنفس الواحدة ، هي آدم وزوجها حواء وإليهما ينتهي نسل المجتمع