نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 479
الصحابة والتابعين ، وأسماه " التوحيد والصفات " فتجد أن الكاتبين سلكا مسلكين مختلفين أحدهما يعتمد على الكتاب والسنة الصحيحة ، والعقل الصريح ، وتحليل العقائد والمعارف تحليلا عقليا رائعا ، معتمدا على الفكر ، وأما الآخر فهو يعج بروايات أكثرها ترجع إلى مستسلمة أهل الكتاب في العصور الأولى ككعب الأحبار ، ووهب بن منبه اليماني ، وتميم بن أوس الداري ، إلى غير هؤلاء ممن تلقوا القصص والحكايات الخرافية من أساتذتهم وبثوها بين المسلمين . وأنت إذا تفحصت ما انطوى عليه تفسير الطبري ، والدر المنثور للشيخ السيوطي ، تراها عاجة بروايات منتهية إلى الصحابة والتابعين ، وليس فيها شئ يرجع إلى تحليل العقائد والمعارف ، وعلى ذلك درج الخلف ، فصار التعطيل شعارا لأهل الحديث ومن تبعهم . تدوين علم الكلام حاجة ملحة فتح المسلمون البلاد المعمورة بإيمانهم وعزيمتهم الراسخة ، فاعتنق الإسلام أمم كثيرة كانت لهم حضارات عريقة وديانات مختلفة ، فأدى ذلك إلى احتكاك المسلمين بهم ، وكانت نتيجته انتقال الفلسفة اليونانية والفارسية إلى العواصم الإسلامية ، ونشطت من خلالها حركة الترجمة والتعريب ، فترجمت كتب فلسفية كثيرة تحمل طابع الفلسفة اليونانية والرومانية والفارسية في طياتها ، وهذه الحركة قد تركت خيرا كثيرا ، حيث اطلع المسلمون من خلالها على العلوم الطبيعية والرياضية ، والفلكية ، وما وراء الطبيعة ، وشكل ما ورثوه عن طريق الترجمة فيما بعد النواة الأولى لإرساء قواعد هذه العلوم وإكمالها ، حتى تألق نجم العلم في المشرق الإسلامي ، وصار مركزا ومحطا يقصده رواد العلم والمعرفة من كل حدب وصوب . إلا أن تلك الحركة قد تركت آثارا سلبية حيث بذرت شبها كثيرة في حقل
479
نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 479