نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 34
فأما القسم الأول : فلا يتسرب إليه البداء لافتراض كونه تقديرا حتميا وقضاء مبرما ، وإنما يتسرب البداء إلى القسم الثاني وهو القضاء المعلق فهو يتغير إما بالأعمال الصالحة أو الطالحة قال سبحانه : * ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) * [1] . وقال سبحانه : * ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ) * [2] . وقال تعالى : حاكيا عن شيخ الأنبياء نوح عليه السلام : * ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) * [3] . فالبداء بهذا المعنى مما اتفق عليه المسلمون قاطبة كما اتفقوا على عدم صحة البداء بالمعنى الأول ، وأما استعمال البداء " بدا لله " في هذا المقام مع أنه بداء لنا من الله فهو أشبه بالمجاز وقد استعمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الأقرع والأبرص والأعمى تلك اللفظة ، وقال : وبدا لله عز وجل أن يبتليهم [4] . وعلى كل تقدير فليس النزاع في اللفظ والتسمية بل مورده هو المسمى والمقصود . ولو أن علماء السنة وقفوا على ما هو المقصود من القول بالبداء لله لما اعترضوا على الشيعة الإمامية . وكم من مسائل خلافية لو طرحت في جو هادئ يسوده روح البحث العلمي بعيد عن التعصب لزالت حواجز الاختلاف ولتقاربت وجهات نظر الطائفتين .