نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 265
موجودا ليس له جسم ولا جهة ولا مكان ، ولا يحويه زمان ولا مكان ، ولا يوصف بالكيف والكم ، وما هذا إلا لأنهم أسراء المادة والجسمانية ، فوقعوا فريسة لمخالب التجسيم ، وتورطوا في مخاطر التشبيه ، فصاروا من المشبهة والمجسمة لا يتورعون عن وصفه سبحانه بكل ما توحي إليهم القوة الخيالية الأسيرة لعالم الحس والمادة ، فأثبتوا لله سبحانه يدا ورجلا وعينا وغير ذلك مما جاء في الذكر الحكيم ، وفسروها بالمعاني الإفرادية الملازمة للتجسيم ، وكأنهم لم يسمعوا قول الله سبحانه : * ( ليس كمثله شئ ) * [1] ، أو لم يسمعوا قول الله سبحانه : * ( ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز ) * . [2] وفي مقابل هؤلاء ، المعطلة [3] ، وهم وإن تورعوا عن التجسيم والتشبيه ولكنهم عطلوا العقول عن المعارف بحجة أن البشر أعطي العقل لإقامة العبودية لا لإدراك الربوبية ، فمن شغل ما أعطي لإقامة العبودية بإدراك الربوبية فاتته العبودية ولم يدرك الربوبية . [4] وكأن القائل يفسر العبودية بالقيام والقعود ، والإمساك والصيام التي هي من واجبات الأعضاء ، وغفل عن أن لها ركنا آخر يرجع إلى العقل واللب ، فتعطيل العقول عن معرفة المعبود ، بالمقدار المستطاع تعطيل لإقامة العبودية أو لجزئها ، فلو اقتصر الإنسان في إقامة العبودية على الجزء الأول من دون إدراك ما للمعبود من صفات الجمال والجلال ، لكانت عبوديته كعبودية الحيوان والنبات والجماد ، بل تكون أنزل منها . قال سبحانه : * ( وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها
[1] الشورى : 11 [2] الحج : 74 . [3] المعطلة في مصطلح الأشاعرة هم المعتزلة لتعطيلهم الذات عن التوصيف بالصفات . و المقصود في المقام غير هؤلاء بل الذين عطلوا العقول عن المعرفة على النحو الذي جاء في المتن . [4] رضا نعسان : علاقة الإثبات والتفويض : 33 ، نقلا عن الحجة في بيان المحجة .
265
نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 265