نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 23
وفي خطبة أخرى : الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد ، ولا تحويه المشاهد ، ولا تراه النواظر ، ولا تحجبه السواتر [1] . وفي كلامه لذعلب اليماني عندما قال له : هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين ؟ فقال عليه السلام : " أفأعبد ما لا أرى ؟ " فقال : وكيف تراه ؟ فقال : " لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ، لكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان ، قريب من الأشياء ، غير ملابس ، بعيد منها غير مباين " [2] . وأما ما يستدل به على جواز الرؤية في الآخرة فليس بتام ، وقد استدل القائلون بجوازها قديما وحديثا بقوله سبحانه : * ( وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة * ووجوه يومئذ باسرة * تظن أن يفعل بها فاقرة ) * [3] . والدقة في الآيات الأربع توقفنا على أن المراد بالنظر هو انتظار الرحمة وذلك لوجهين : 1 - إنه سبحانه : يسند النظر إلى الوجوه لا العيون ، فلو كان المراد من النظر هو الرؤية كان اللازم أن يقول مكان " الوجوه " : العيون . 2 - إن مقابلة بعض الآيات ببعض يرفع الإبهام عن قوله : * ( إلى ربها ناظرة ) * ويتعين كونه بمعنى انتظار الرحمة وذلك بالشكل التالي : أ - * ( وجوه يومئذ ناظرة ) * يقابلها قوله : * ( وجوه يومئذ باسرة ) * . ب - * ( إلى ربها ناظرة ) * يقابلها قوله : * ( تظن أن يفعل بها فاقرة ) * . لا شك أن الفقرتين الأوليتين واضحتان جدا ، وإنما الكلام في الفقرة الثالثة