نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 205
الضغن فقال أبو سفيان بن حرب : لا تنتهي هزيمتهم دون البحر ، وصرخ جبلة بن حنبل : ألا بطل السحر اليوم . . . [1] . أفبعد هذا يصح أن يعد جميع الصحابة ، بحجة أنهم رأوا نور النبوة ، عدولا أتقياء ؟ قال القرطبي في تفسيره : قد فر الناس يوم " أحد " وعفى الله عنهم وقال الله فيهم يوم حنين : * ( ثم وليتم مدبرين ) * ثم ذكر فرار عدة من أصحاب النبي من بعض السرايا [2] . هذه هي الأصناف العشرة من صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ممن لا يمكن توصيفهم بالعدالة والتقوى ، أتينا بها في هذه العجالة . ولكن نلفت نظر القارئ الكريم إلى الآيات الواردة في أوائل سورة البقرة وسورة النساء وغيرها من الآيات القرآنية فيرى فيها أن الإيمان بعدالة الصحابة بأجمعهم خطأ في القول ، وزلة في الرأي ، يضاد نصوص الذكر الحكيم ، ولم يكن الصحابة إلا كسائر الناس فيهم صالح تقي بلغ القمة في التقى والنزاهة ، وفيهم طالح شقي سقط إلى هوة الشقاء والدناءة . ولكن الذي يميز الصحابة عن غيرهم أنهم رأوا نور النبوة وتشرفوا بصحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشاهدوا معجزاته في حلبة المباراة بأم أعينهم ، ولأجل ذلك تحملوا مسؤولية كبيرة أمام الله وأمام رسوله وأمام الأجيال المعاصرة لهم واللاحقة بهم ، فإنهم ليسوا كسائر الناس ، فزيغهم وميلهم عن الحق أشد ولا يعادل زيغ أكثر الناس وانحرافهم . وقد قال سبحانه في حق أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم : * ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ) * [3] فإن انحرف هؤلاء فقد انحرفوا في حال شهدوا النور ، ولمسوا الحقيقة ، وشتان بينهم وبين غيرهم .
[1] سيرة ابن هشام : 3 / 11 و 4 / 444 ، ولاحظ التفاسير . [2] تفسير القرطبي : 7 / 383 . [3] الأحزاب : 32 .
205
نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 205