نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 196
فحب الصحابي بما هو صحابي أمر ، وتوصيف أعماله وأفعاله - إن خيرا فخير وإن شرا فشر - أمر آخر يهدف إلى الموضوعية في البحث ، والقضاء والابتعاد عن العشوائية في الاعتقاد ، " وجبرين " لا يفرق بين الأمرين ويضربهما بسهم واحد لغايات سياسية . إن صحبة الصحابة لم تكن بأكثر ولا أقوى من صحبة امرأة نوح وامرأة لوط فما أغنتهما من الله شيئا ، قال سبحانه : * ( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين ) * [1] . إن التشرف بصحبة النبي لم يكن أكثر امتيازا وتأثيرا من التشرف بالزواج من النبي ، وقد قال سبحانه في شأن أزواجه : * ( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا ) * [2] . وكما أنهم كانوا مختلفين في السن عند الانقياد للإسلام ، كذلك كانوا مختلفين أيضا في مقدار الصحبة ، فبعضهم صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بدء البعثة إلى لحظة الرحلة ، وبعضهم أسلم بعد البعثة وقبل الهجرة ، وكثير منهم أسلموا بعد الهجرة وربما أدركوا من الصحبة سنة أو شهرا أو أياما أو ساعات . فهل يصح أن نقول : إن صحبة ما قلعت ما في نفوسهم جميعا من جذور غير صالحة وملكات رديئة وكونت منهم شخصيات ممتازة أعلى وأجل من أن يقعوا في إطار التعديل والجرح ؟ إن تأثير الصحبة عند من يعتقد بعدالة الصحابة كلهم أشبه شئ بمادة كيمياوية تستعمل في تحويل عنصر كالنحاس إلى عنصر آخر كالذهب ، فكأن