نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 104
الأقاويل ، بصرف النظر عن العلاقات العملية التي قد تقوم بين الطائفتين . وقد عادت الطائفة " الاثنا عشرية " إلى تقاليدها المسالمة وعنايتها بإشاعة العلم والاهتمام بالشؤون الاجتماعية والروحية لأتباعها إلى أن قامت للاثني عشرية دولة في " إيران " لأول مرة في التاريخ على يد الشاه " إسماعيل الصفوي " ( 906 - 930 ه = 1500 - 1523 م ) الذي نزع هو وخلفاؤه إلى التشيع على الرغم من أصولهم السنية الصوفية . وقد استمر حكم " الصوفيين " لإيران قرابة قرنين ونصف قرن إلى سنة ( 1148 ه [1] = 1735 م ) ، وكانوا خلال حكمهم في عداء شبه مستمر مع الخلافة العثمانية ، ونشبت بينهما الحروب التي أسهمت في انحسار المد الإسلامي عن " أوربا " وتمزق بلدان العالم الإسلامي وتفككها ، ثم سقوطها في براثن الاستعمار الغربي ، ومما ساعد على ذلك : اتفاق الشاه " إسماعيل الصفوي " مع البرتغاليين ضد دولة الخلافة العثمانية ، وسيطرتهم على بعض جزر الخليج كقاعدة موجهة لحرب " الخلافة العثمانية " ، ثم قيام الشاه " عباس الصفوي " بعد توليه الحكم عام ( 996 ه = 1587 م ) بالتحالف مع " الإنجليز " لمحاربة دولة الخلافة ، كما توقف الحج إلى " مكة " في عهده ، وروجت الدولة لزيارة مدينة " مشهد " ، وهي مدينة " طوس " القديمة التي دفن بها " الرشيد " وولد فيها " أبو حامد الغزالي " وغيره من أئمة المسلمين ، ولكن مكانتها الدينية لدى الاثني عشرية ترجع إلى كونها تضم رفات الإمام الثامن " علي الرضا " . وهو الإمام الوحيد المدفون بإيران ، وبسبب ذلك اشتهرت باسمها الحالي . وهذا التحالف مع الغزاة الأجانب ، مع تمادي الخلاف بين الدولتين ، قد مهد للاستعمار الغربي فرصة تمزيق العالم الإسلامي واحتلال أراضيه ، وكان هذا الصراع المذهبي والسياسي من أهم أسباب هزيمة العثمانيين - والعالم الإسلامي