نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 27
1 - لا جبر ولا تفويض : طرحت مسألة الجبر والتفويض في أواسط القرن الأول بين المسلمين فصاروا إلى أقوال وأوجدت فجوة سحيقة بين المسلمين ولم تزل آثارها إلى يومنا هذا . فمن قائل بالجبر وإنه سبحانه هو الخالق لفعل الإنسان والموجد له وليس للإنسان أي دور في أفعاله وأعماله ، وإنما هو ظرف لظهور إرادته سبحانه في أعماله وأفعاله . وإنما ذهب القائل إلى هذا القول لأجل أنه فسر التوحيد بالخالقية بالمعنى الباطل وزعم أن معناه سلب الأثر عن العلل والعوامل الطبيعية ، وعند ذاك يتجلى الإنسان في مجال الأفعال كالظرف ليس له دور ولا تأثير في أفعاله وأعماله . ولا شك أن تفسير التوحيد بالخالقية بهذا المعنى باطل ، لما عرفت من تصريح الذكر الحكيم بدور العلل الطبيعية في نمو الأزهار والأشجار - مضافا إلى أن القول بالجبر ينافي عدله سبحانه - فكيف يكون هو الخالق لعمل الإنسان ولا يكون له دور فيه ، لكن هو المسؤول عن العمل ؟ ! إن للقول بالجبر سببا آخر وهو تفسير القضاء والقدر - الذي لا غبار في صحتهما - بالمعنى السالب للاختيار عن الإنسان ، وسيوافيك أن القضاء والقدر حق ولكنهما لا يسلبان الاختيار عن الإنسان . فهذا وذاك صارا سببين لنشوء القول بالجبر بين كثير من المسلمين حيث صيرهم مكتوفي الأيدي أمام الحوادث والطوارئ . فكما أن الجبر يخالف عدله سبحانه فكذلك التفويض ينافي توحيده ، لأن
27
نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 27