اطلاعهم على الأسباب وقوانينها ، التي هي معرض للبداء والمحو - كما يسميها الناس ب " النفوس الفلكية والألواح القدرية " - إن هي إلا أسماء - فإنه اعتماد على الظن ، وهو خلاف وظيفتهم الكريمة ، ويلزم من ذلك أن يجعلوا أنفسهم معرضا لعدم الوثوق بهم ، وعد الناس لهم من الكاذبين حينما يظهر خلاف ما أخبروا به ، وهذا نقض لغرضهم في دعوة الناس إلى الله وإلى قبول أقوالهم وإرشادهم وتصديقهم ، ونقض الغرض قبيح مستحيل على المعصوم . إذن ، فلا يخبرون الناس بالغيب اعتمادا على الأسباب أو الألواح القدرية - كما يقال و يزعم - ، وإن كانوا أكمل البشر في تلك العلوم . ومما يشهد لذلك ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام من قوله في بعض المواطن : " ولولا آية سبقت في كتاب الله - وهي قوله تعالى : " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " لأخبرتكم بما يكون إلى يوم القيامة " ( 24 ) . يريد - صلوات الله عليه - أن هذه العلوم المستندة إلى سير الأسباب والتسبيبات والتقدير هو أعلم الناس بها ، وأكملهم فيها ، ولكنه لا يعتمد عليها ، ولا يخبر الناس
24 - ورد الحديث باختلاف يسير في المصادر التالية : التوحيد : 305 ، أمالي الصدوق : 280 ب 55 ح 1 ، الإحتجاج : 258 ، قرب الإسناد : 353 ح 1266 ، وعنها في بحار الأنوار 4 / 97 ح 4 و 5 .