والجواب أن العصمة قوة قدسية وبصيرة ملكوتية ونورانية ربانية راسخة في النفس يحفظ بها صاحبها نفسها عن القبائح إتيان كل ما في فعله انصراف عن الحق ونسيان المولى . وإن شئت قلت : حضور خاص للعبد عند مولاه لا يرتكب معه ما ينافي هذا الحضور فلا يشتغل في هذا الحضور إلا بما يناسبه ففي مثل هذا الموقف الأقدس لا ذنب ، ولا معصية ، ولا انصراف عن الله تعالى . وهذا مقام رفيع لا يناله ، ولا يفوز به إلا عباد الله المخلصين الكاملين الذين ليس لغير الله سلطان عليهم وهم الأنبياء والأئمة عليهم السلام . وإن شئت مثالا لذلك والمثال لا يسئل عنه . فانظر إلى نفسك إذا كنت طالبا سلعة تذهب إلى السوق لشرائها فيعرضها بايع لك بدينار ، وآخر بدينارين ، ولا شك أنك مختار في اشترائها من الأول أو الثاني لكن لا تشتريها إلا من الأول لما فيك من قوة التميز بين نفعك وضررك ، والمعصوم في صفاء النفس والاتصال بعالم الغيب وقوة الدرك حتى في ترك الأولى كترك المستحبات وفعل المكروهات أصفى نفسا منك ومن غيرك . وبالجملة فالحضور ضد الغياب ، والتوجه ضد الانصراف فمن كان في محضر المولى ليس بغائب عنه ومن ذاق حلاوة قربه ومؤانسته لا يبتغي عنها بدلا ، ومن جلس على بساط عبادته وأدرك لذة مناجاته يقول كما قال زين العابدين عليه السلام : متى راحة من نصب لغيرك بدنه ومتى فرح من قصد سواك بنيته قال العلامة الجليل السيد عبد الله شبر .