فعل عمن يعلم المريد أنه لا يفعله والأمر أو النهي في هذه الصورة لا يكون إلا صوريا . وما ذكرناه يستفاد من كثير من الآيات القرآنية الكريمة كقوله تعالى : لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين [1] . وقوله : إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم [2] وقوله تعالى : رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما [3] . وقوله سبحانه : " ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيى عن بينة " [4] فإرادة " قبول الإنذار من المنذر ، والإنذار بقصد أن ينذر المنذر لا يكون حقيقيا إلا إذا كان المنذر ممن اتبع الذكر ، وخشي الرحمان بالغيب ، ويؤثر فيه الانذار . أما من لم يؤثر فيه ذلك ، ولا ينذر بالإنذار فإنذاره ليس إلا صوريا ولرفع عذره ولئلا يكون له على الله حجة . هذا وإن شئت قلت : إن الإرادة التشريعية على ضربين ، ضرب منهما ما يعلم المريد من حال المراد منه أنه ينبعث نحو المأمور به بأمره
[1] سورة يس / 70 . [2] سورة يس / 11 . [3] سورة النساء / 156 . [4] سورة الأنفال 42 .