الأمر الثالث [ تدليس أكثر رواتها ] إنّ أكثر رواتهم ، بل كلَّهم ، مدلَّسون في رواياتهم ، أي ملبّسون فيها ، ومظهرون خلاف الواقع ، كما لو كانت الرواية عن شخص مقبول بواسطة شخص غير مرضيّ ، فيتركون الواسطة ويروونها عن المقبول ابتداء ! أو يروونها عن شخص ضعيف وينسبونها إلى آخر ثقة ؛ ليروج الحديث منهم ويقبل . أو يروونها عن ضعيف ويأتون باللفظ المشترك بين الضعيف والثقة ؛ ليوهم الراوي على القارئ أنّ المراد الثقة ؛ لأنّه يظهر أنّه لا يروي إلَّا عن ثقة ! إلى غير ذلك من أنواع التدليس ، ولا يكاد يسلم أحد من رواتهم عنه . قال شعبة : « ما رأيت من لا يدلَّس من أصحاب الحديث إلَّا عمرو بن مرّة وابن عون » ، كما نقله عنه في « ميزان الاعتدال » و « تهذيب التهذيب » بترجمة عمرو بن مرّة الجملي [1] . ويكفيك أنّ البخاري ومسلما كانا من المدلَّسين !