نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 447
المشاعر الخاصة ، وذلك بالإيحاء له بأن التكذيب ليس موجهاً إليه ، بل موجه إلى الله من خلال ما يكذب به الظالمون من آيات الله ؟ وهل إن مثل هذا الأسلوب يريح النبي محمداً ( ص ) ؟ وإذا كان الأمر على هذا الشكل ، فهل يمكننا أن نفهم أن انفعاله الشخصي يتجاوز انفعاله لله ؟ وأخيراً ، هل ينسجم مع شخصية النبي في ما نعرفه عن إخلاصه لرسالته لربه ؟ هذه هي علامات الاستفهام التي قد ترتسم أمام القارئ لهذه الآيات عندما يواجه معانيها من خلال الفهم الحرفي لألفاظها . ولكننا نفهم منها أسلوباً قرآنياً يتحدث عن تحليل الموقف الرسالي للرسول ، ولكل الرساليين الذين يتبعون خطاه ، في ما يمكن أن يخضع له البشر من نوازع ذاتية أمام التحديات ، فهو يوحي بوجود شيء من هذا القبيل ، كفرضية قابلة للحدوث ، ولكن ليس من الضروري أن تكون قد حدثت بالفعل ، لينتقل من خلال ذلك إلى الإيحاء بأن الموضوع لا يتحمل أية صدمة انفعالية صعبة ، تثقل حركة الذات في الدعوة . فإذا كانت صفة الرسالة هي التي تطبع شخصية الرسول فإن كل ردة فعل سلبية أو إيجابية ترتبط بتلك الشخصية يجب أن تكون بعيدة عن الذات والذاتيات . وبهذا تكون القضية متعلقة بالله الذي لا يضيره شيء من تكذيبهم ، وجحودهم كما لا ينفعه شيء من إيمانهم وتصديقهم ، لأنه الغني عن ذلك كله ، فلا مجال لأي انفعال لأن الذات لا علاقة لها بالموضوع ، والرسالة المنزلة من الله لا تتأثر بذلك ، إن الله فوق الانفعال ، فماذا يبقى في الساحة ؟ إن المسألة - بكل بساطة - هي أن يواجه الرسول الموقف بعقلية واقعية ، وذهنية عملية مرنة ، بعيداً عن كل الحالات الشعورية الذاتية ، وبذلك تستمر القافلة الرسالية في سيرها الطبيعي ، لتصل إلى أهدافها الكبيرة في نهاية المطاف . وفي ضوء ذلك ، تتحول هذه الآيات إلى خطة تربوية للعمل الرسالي ، يواصل من خلالها ذاك العمل طريقه بكل موضوعية وهدوء ، تماماً كأي عمل يرتبط بمسؤوليته ولا يرتبط بذاته ، حيث يتحرك الداعية على أساس المعطيات الواقعية ، ومدى انسجامها مع خط المسؤولية في عمله ، فيعيش التجرد من كل ما لا يرتبط بالعمل ، مما يجعل للحركة فاعلية قوية ، ويقود الموقف إلى خطوات الواقع . وهكذا تخرج القضية من النطاق الشخصي ، لتتصل بالنطاق العام للرسالة ، وللرسول ، فلا تعود شيئاً شخصياً للنبي ، بل تتحول إلى قاعدة عامة لكل الرسل ، والرسالات ، ومن هنا تتساقط كل علامات الاستفهام أمام شمولية القاعدة وثباتها .
447
نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 447