نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 334
وحزنه في نفسه ، ولم يتصرف تصرف الجازعين الذين يتمردون على إرادة الله ، ولكنه يعطي للحزن دوره الهادئ في قلبه وإحساسه وشعوره ، من دون أن يترك الحزن تأثيره على حياته وعلى دوره في رسالته وحركته في الحياة ( قالوا تالله ( لقد فوجئوا بذكره ليوسف الذي يقال بأنه غاب عنهم مدة ثمانية عشر عاماً ، وظنوا أن أباهم قد نسيه ، لأن الذكريات الماضية تذوب وتزول وتذهب ( قالوا تالله تفتأ ( أي لا تفتأ ولا تزال ( تذكر يوسف حتى تكون حرضاً ( أي مشرفاً على الهلاك قريباً من الموت ( أو تكون من الهالكين ( أو يؤدي بك ذلك إلى الهلاك ( قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ( أنا لا أشكو بثي وحزني إليكم ، فأنا لا أشكو لبشر ، وأنا عندما أتذكر يوسف وآسف على غيابه ، فإنما أجلس في حالة مناجاة مع الله ، ولذا فإني أرجع شكواي إلى الله وأقدم حزني بين يديه سبحانه ، فهو الذي يملك إزالة حزني عني ويبدله إلى فرح ، وعندما أعبر عن حزني فليس لإثارة الإشفاق علي من الناس ، أو لأفرض حزني عليهم ( وأعلم من الله ما لا تعلمون ( أعلم من الله أنه رحيم بعباده ، فهو يعطي الأمل من قلب اليأس وهذا ما أعلمه من خلال معرفتي به تعالى ، لذلك لم أفقد ثقتي بربي أو إيماني به ، ولا أرى أن التعبير عن الحزن يتنافى مع استسلامي له ، فالتعبير عن الحزن حالة إنسانية ، والاستسلام إلى الله هو حركة هذه الحالة بين يدي الله حتى تعين الإنسان على أن ينفتح على المستقبل أكثر من خلال الله ، لا من خلال غيره [1] . وقفة قصيرة ونلاحظ : 1 - من الواضح : أن الجزع المذموم والمرفوض من قبل الشارع هو الذي يستبطن الاعتراض على الله سبحانه حين يعتبر الجازع أن ما حدث يمثل ظلماً ، وتعدياً وتصرفاً غير سديد . . كما أن من الواضح أيضاً : أن إظهار الحزن الشديد لا يستبطن الاعتراض على الله بحيث لا ينفك هذا الإظهار عن ذلك الاعتراض ، إذ كثيراً ما ينطلق الجزع من حب الله ومن شدة الاهتمام بالحفاظ على الدين ورموزه الكبرى ، وهذا يكون جزعاً ممدوحاً ، ومحبوباً له تعالى ، ومندوباً إليه ، وقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) :