بل إن ذلك الذي ذكرناه ، وأمثاله كثير ، يبين بما لا مجال معه للشك : أن هذه المقولات هي صفوة ما عنده من فكر ، وأنه يتبناها ، ويرددها وينشرها ، وأنه يعتقد بها ، ويدافع عنها بكل ما أوتي من قوة وحول . . شاهدنا على ذلك : أنه قد أعاد طبع بعض كتبه ، ومنها كتابه المعروف باسم ( من وحي القرآن ) ولم يغير منه شيئا ذا بال ، ولا أصلح أياً من مقولاته الخطيرة والهامة ، وإنما بدل بعض العبارات التي لا تحمل في طياتها أهمية تذكر ، وإذا كان يقول على المنابر وفي المناسبات ، ما ربما يظهر منه خلاف ذلك ، فإن إعلانه عن أن أفكاره لم تتبدل منذ الثمانينات كما أشرنا قريباً ، ثم إصراره على إبقاء ما كان على ما كان يدلنا على أنه يعرف أن ما يبقى هو المكتوب ، أما الخطب والمقابلات ، والمداولات في المجالس فإنها تتلاشى ، وتزول ، وهو يسعى لإرضاء الناس بكلام مبهم من جهة ، ويصر من جهة أخرى على إبقاء كل شيء على ما هو عليه ، لتتداوله الأجيال من بعده ، ومن يريد التأثير عليهم في العالم الإسلامي الكبير . . ليفرض على الآتين أن يفهموا ما ورد في خطبه ومداولاته الشخصية ، على أنه إنما كان تحت وطأة الضغوط التي واجهها . . انظر إلى ما قيل و لي رجاء أكيد من القارئ الكريم ، هو أن يراجع كتاب ( مأساة الزهراء ) في طبعته الثانية التي تشتمل على كتاب ( لماذا كتاب مأساة الزهراء ) . وثمة رجاء آخر آمل أن لا يردّه القارئ عليّ ، وهو أن ينظر إلى ما قيل في هذا الكتاب وفي غيره ، ولا يكن همه النظر إلى من قال . . . ولتكن القاعدة القوية والحاسمة عنده هي : ( إن الحق لا يُعرف بالرجال ، وإنّما يعرف الرجال بالحق ) . و ( اعرف الحق تعرف أهله ) و ( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمّن لا يهدّي الا أن يُهدى فما لكم كيف تحكمون ) [1] . فليراجع النصوص التي نقلناها في مصادرها ، وليقارن ، ليتأكد من أننا لم نقطّع أوصال الكلام ، ولا أخللنا بالنقل .