نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 244
الانحراف بتسويل إبليس الذي يحمل له أكثر من عقدة منذ إبعاده عن رحمة الله بابتعاده عن الاستجابة لأمره بالسجود لآدم . . في الوقت الذي لم يحمل له آدم أي شعور مضاد . . ولكن آدم لم يتعمق في وعي الموضوع ، ولم يأخذ مأخذ الجدّية والاهتمام ، وبقي مستمراً على خط العفوية والبساطة الصافية في مواجهته للأشياء ( فنسي ) ما ذكرناه به فترك الامتثال للنصيحة الإلهية التي لم تكن أمرا تشريعيا يستتبع عقابا جزائيا ، بل كان أمرا إرشاديا يتحرك من المنطق الطبيعي للأمور فيما ترتبط به النتائج بمقدماتها " . إلى أن قال : " ( فوسوس إليهما الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد ) التي إذا أكلت منها أعطتك خلود الحياة التي لا فناء فيها ( وملك لا يبلى ) فيما يشتمل عليه من سلطنة دائمة مطلقة لا تسقط أمام عوامل الاهتزاز والسقوط . وهكذا حاول الالتفاف على أحلامهما الإنسانية في الخلود والملك الباقي من دون أن يثير فيهما عقدة الخوف من المعصية لله ، ولهذا كان أسلوبه هو أسلوب التحذير الذاتي ، والغفلة الروحية عن النتائج السلبية التي تنتظرهما ، إذا استسلما إليه . وهذا هو الذي يجب أن ينتبه إليه الإنسان في مواقفه العملية ، فيما قد يوسوس إليه الشيطان من التأكيد على حركة الحلم الوردي في مشاعره بطريقة غير واقعية ، مستغلا حالة الاسترخاء الروحي ، والغفلة الفكرية التي يخضع لها في وجدانه ، مما يجعله مشدودا إلى الجانب الخيالي من أفكاره من دون مناقشة لها في قليل أو كثير فينحرف من موقع الغفلة لا من موقع الوعي ، ومن أجواء الحلم لا من أجواء الواقع ، كما حدث تماما لآدم وحواء عندما كانا ينعمان بسعادة الجنة ونعيمها في ظلال عفو الله ورحمته ورضوانه ، يتبوءان من الجنة حيث يشاءان ، فليس لديهما مشكلة هناك . . فلم يكن من إبليس إلا أن وسوس إليهما مستغلاً جانب الغفلة ، فعزلهما عن الواقع ، ودفعهما إلى التفكير بالخلود والملك الباقي من خلال الأكل من الشجرة التي نهاهما الله عنها . . ولو فكرا جيدا لعرفا أن الخلود والملك ليسا من الأشياء التي تحصل بفعل الأكل من شجرة ، بل هما نتيجة الإرادة الإلهية التي تملك أمر الموت والحياة ، والملك الباقي أو الفاني ، ولكنهما استسلما للجو الخيالي المشبع بالأحاسيس الذاتية المتحركة مع الأحلام . إن الموقف المتوازن هو الموقف الذي ينطلق من القرار المبني على الدراسة الموضوعية للأشياء ، وعلى النظرة الواقعية لموقعها من المستقبل مما يفرض على الإنسان أن
244
نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 244