نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 241
ويقول أيضاً : " وأراد الله أن يوحي إلى آدم بكرامته عليه ، فيما يمهد له من سبل رضوانه ونعمه . . فقال له . . ( اسكن أنت وزوجك الجنة ) وخذا حريتكما في التمتع بأثمارها فيما تختاران منها ممّا تستلذانه أو تشتهيانه . . ( فكلا من حيث شئتما ) لا يمنعكما منه مانع ( ولا تقربا هذه الشجرة ) فهي محرمة عليكما . . هذه هي إرادة الله التي انطلقت من موقع حكمته في توجيهكما إلى أن تواجها المسؤولية من موقع الالتزام والإرادة ، في الامتناع عن بعض ما تشتهيانه من أجل إطاعة الله فيما يأمر به أو ينهى عنه فلا بد من تجربة أولى لحركة الإنسان في عملية الإرادة . . فلتبدأ تجربتكما الأولى . . في هذه الأجواء الفسيحة التي منحكما الله فيها كل شيء . . مما يجعل من النهي الصادر منه إليكما ، تكليفا ميسرا لا صعوبة فيه ولا حرج . . فبإمكانكما السير في نقطة البداية من أيسر طريق . . فلا تقربا هذه الشجرة ( فتكونا من الظالمين ) الذين يظلمون أنفسهم ، ويسيئون إليها بالانحراف عن خط المسؤولية في طاعة الله . . ولم يكن لديهما أي حافز ذاتي يدفعهما إلى المعصية ، لأنهما لا يشعران بالحاجة إلى هذه الشجرة بالذات . . ما دامت الشجرة لا تمثل شيئا مميزا في شكلها وثمرها . . فليست هناك أية مشكلة في ذلك " [1] . ويقول أيضا : " ولم يكن عندهما أية تجربة سابقة في مخلوق يحلف بالله ويكذب ، أو يؤكد النصيحة ويخون . . أو يغش ، فصدقاه ، وأقبلا على تلك الشجرة المحرمة يذوقان من ثمرتها ما شاءت لهما الرغبة أن يذوقا . . ( فَدَلاّهُما بغرور ) أي أنزلهما عن درجتهما الرفيعة فأوصلهما إلى مرحلة السقوط بسبب الغرور الذي أوقعهما فيه ، فيما استعمله من أساليب الخداع ( فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوأتهما ) وشعرا بالعري . . الذي بدأ يبعث في نفسيهما الشعور بالخزي والعار ، في إحساس جديد لم يكن لهما به عهد من قبل . . وقيل . . إنهما كانا يلبسان لباس أهل الجنة فسقط عنهما بسبب المعصية . . ( وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة . . ) ليستراها في إحساس بالحاجة إلى ذلك ، بطريقة غريزية من خلال شعورهما بالدور الخجول للعورة . . أو لأمر آخر يعلمه الله . . وسقطا في الامتحان وأخفقا في التجربة . . وبدأ هناك شعور خفي بالخيبة والمرارة . . فيما بدا لهما أنهما ارتكبا ما لا يجب أن يرتكباه . . وربما تذكرا نهي الله لهما عن الأكل من الشجرة . . وربما يكونان قد عاشا بعض الحيرة فيما يفعلانه في موقفهما هذا . . فهذا أمر جديد لا يعرفان كيف يتصرفان فيه . . وهنا جاءهما النداء من الله مذكرا ومؤنباً ( وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة . . ) فكيف خالفتما هذا النهي وعصيتماني . . ما هي حجتكما في
[1] من وحي القرآن : الطبعة الأولى ، ج 10 ص 28 و 29 .
241
نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 241