نام کتاب : خلافة الرسول بين الشورى والنص نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 54
لقد بصر ابن حزم بذلك ، فحاول أن يتداركه ، فقال : وجدنا عقد الإمامة يصح بوجوه : أولها وأصحها وأفضلها أن يعهد الإمام الميت إلى إنسان يختاره إماما بعد موته ، سواء جعل ذلك في صحته أو عند موته ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأبي بكر ، وكما فعل أبو بكر بعمر ، وكما فعل سليمان بن عبد الملك بعمر بن عبد العزيز . قال : وهذا هو الوجه الذي نختاره ، ونكره غيره ، لما في هذا الوجه من اتصال الإمامة ، وانتظام أمر الإسلام وأهله ، ورفع ما يتخوف من الاختلاف والشغب مما يتوقع في غيره من بقاء الأمة فوضى ، ومن انتشار الأمر وحدوث الأطماع [1] . لقد لحظ ابن حزم أكثر من ثغرة في تلك النظرية ( الشورى ) ، فأظهر مهارة في محاولة رتقها ، بأن جمع بين الضرورات الدينية والعقلية والاجتماعية وبين الأمر الواقع ، ليخرج بصيغة أكثر تماسكا . فترك الأمة دون تعيين ولي الأمر الذي يخلف زعيمها يعني بقاء الأمة فوضى ، وتشتت أمرها ، وظهور الأطماع في الخلافة لا محالة . . وهذا مما ينبغي أن يدركه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيبادر إلى تلافيه ، ولو في مرضه الذي توفي فيه . وتعيين الخليفة بهذه الطريقة سيضمن اتصال الإمامة ، وانتظام أمر الإسلام . وإذا كان أبو بكر قد أدرك ذلك فنص على من يخلفه ، وأدركه أيضا