القيظ ودعا عليا إلى يمينه ، وخطب فقال : لقد دعيت إلى ربي واني مغادركم من هذه الدنيا واني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ثم أخذ بيد علي ورفعها وقال يا أيها الناس ألست أولى منكم بأنفسكم ؟ قالوا : بلى ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيثما دار ، فقال عمر : بخ بخ ، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ، ثم عاد الرسول إلى خيمته ونصب لعلي أخرى بجانبها ، وأمر المسلمين أن يبايعوه بالإمامة ، وسلموا له بإمرة المؤمنين جميعا رجالا ونساء [1] . هذا هو حديث غدير خم الذي اعتقده الشيعة سندا صريحا لهم في القول بامامة علي ، وقد اعترف أهل السنة جزئيا بصحة هذا الحديث وأولوه بان المقصود من ( الولاية ) هنا الولاية الروحية ، بل إننا نرى الحسن البصري إمام التابعين - يعلن أن عليا رباني هذه الأمة . أما السلف من الحنابلة المتقدمين فقد أولوا الموالاة بعدم الكراهية ، وانكر السلف المتأخرون الحديث إنكارا تاما . ومن العجب أن السلف الذين يكرهون التأويل وينكرونه ، يؤلون هنا ( 3 ) . ومن الواضح أن هذا التأويل كان بتأثير عوامل سياسية ، لان الاعتراف بان ظاهر الحديث يدل على الإمامة الإلهية لازمه إلزام من لا يعتقد بمؤداه بالمخالفة الشرعية . يقول أبو القاسم البجلي المعتزلي : لو نازع علي عقيب وفاة رسول الله ( ص ) وسل سيفه لحكمنا بهلاك كل من خالفه وتقدم عليه ، كما حكمنا بهلاك من نازعه حين أظهر نفسه ، ولكنه مالك الأمر وصاحب الخلافة ، إذا طلبها وجب علينا القول بتفسيق من ينازعه فيها ، وإذا أمسك عنها وجب علينا القول بعدالة من اغضى له عليها ، وحكمه في ذلك حكم رسول الله ( ص ) ، لأنه قد ثبت عنه في الأخبار الصحيحة أنه
[1] نشأة الفكر الفلسفي في الاسلام 2 / 27 - 28 نقلا عن منهاج السنة لابن تيمية 4 / 81 وحياة القلوب للمجلسي 339 . ( 2 ) م . ن .