ثم قال : " إلى متى هؤلاء يملكون أو متى الراحة منهم ؟ . فقال الإمام : " أليس تعلم أن لكل شئ مدة " ؟ . قال : بلى ، فقال عليه السلام : " هل ينفعك علمك أن هذا الأمر إذا جاء كان أسرع من طرفة عين ؟ إنك لو تعلم حالهم عند الله عزو جل وكيف هي ؟ كنت لهم أشد بغضا ، ولو جهدت وجهد أهل الأرض أن يدخلوهم في أشد ما هم فيه من الإثم لم يقدروا فلا يستفزنك الشيطان ، فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، ولكن المنافقين لا يعلمون . ألا تعلم أن من انتظر أمرنا ، وصبر على ما يرى من الأذى والخوف هو غدا في زمرتنا ؟ فإذا رأيت الحق قد مات وذهب أهله ، ورأيت الجور قد شمل البلاد ، ورأيت القرآن قد خلق ، وأحدث ما ليس فيه ووجه على الأهواء ورأيت الدين قد انكفأ كما ينكفئ الإناء ، ورأيت أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحق ، ورأيت الشر ظاهرا لا ينهى عنه ويعذر أصحابه ، ورأيت الفسق قد ظهر ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، ورأيت المؤمن صامتا لا يقبل قوله ، ورأيت الفاسق لا يكذب ، ولا يرد عليه كذبه وفريته ، ورأيت الصغير يستحقر الكبير ، ورأيت الأرحام قد تقطعت ، ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه ، ولا يرد عليه قوله ، ورأيت الغلام يعطى ما تعطي المرأة ، ورأيت النساء يتزوجن بالنساء ، ورأيت الثناء قد كثر ، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا ينهى ولا يؤخذ على يديه ، ورأيت الناظر يتعوذ بالله مما يرى فيه المؤمن من الاجتهاد ، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع ، ورأيت الكافر فرحا لما يرى في المؤمن ، مرحا لما يرى في الأرض من الفساد ، ورأيت الخمور تشرب علانية ، ويجتمع عليها من لا يخاف الله عزو جل ، ورأيت الآمر بالمعروف ذليلا ، ورأيت الفاسق فيما لا يحب الله قويا محمودا ، ورأيت أصحاب الكيان يحقرون ، ويحتقر من يحبهم ، ورأيت سبيل الخير منقطعا ، وسبيل الشر مسلوكا ، ورأيت بيت الله قد عطل ، ويؤمر بتركه ، ورأيت الرجل يقول : ما لا يفعله ، ورأيت الرجال يتمنون للرجال والنساء للنساء ، ورأيت الرجل معيشته من دبره ، ومعيشة المرأة من فرجها ، ورأيت النساء يتخذن المجالس كما يتخذها الرجال ،