وهكذا اتخذ العباسيون جميع الإجراءات الحاسمة للتفتيش عن الإمام عليه السلام لإلقاء القبض عليه ، ولكن الله تعالى حجبه عنهم ، وأخفاه عن عيونهم . وفد القميين : ووفدت جمهرة من القميين والإيرانيين ، ومعهم الأموال من الشيعة إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، فلما انتهوا إلى ( سامراء ) أخبروا بوفاة الإمام ، فسألوا عن القائم مقامه ، فأخبرهم بعض عملاء جعفر أنه الإمام ، وأنه قد خرج متنزها ، في ( دجلة ) ، ومعه فريق من المغنين فهالهم ذلك ، لأن الإمام لا يقترف أي ذنب أو معصية ، وصمم الوفد على الالتقاء به ، والتعرف على خبره ، فلما قفل جعفر إلى منزله خفوا إليه ، فسلموا عليه ، وقالوا له : " نحن من ( قم ) ، ومعنا جماعة من الشيعة ، وكنا نحمل إلى سيدنا أبي محمد الحسن بن علي الأموال . . " . وسارع جعفر قائلا : " أين هي ؟ " . " معنا " . وبادر جعفر قائلا : " احملوها إلى . . " . فطلبوا منه أن يخبرهم عن كمية الأموال ، ومن أرسلها إلى الإمام كما كان يخبرهم بذلك الإمام الحسن عليه السلام فزجرهم جعفر وصاح بهم : " كذبتم تقولون : على أخي ما لا يفعله ، هذا علم الغيب ، ولا يعلمه إلا الله . . " . وعجب القوم ، وراح بعضهم ينظر إلى بعض ، وتميز جعفر غيظا وغضبا وقال لهم : " احملوا إلى هذا المال . . " .