بمعنى متاع المسافر ، فهذا أنسب بحال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وبالظروف التي قال فيها هذا الكلام ، لأن المسافر من بلد إلى بلد وخاصة مع العزم على عدم العود إلى بلده السابق ، يأخذ معه متاعه ، ولما كانت المراكب في تلك العصور لا تتحمل أخذ جميع وسائل الإنسان وأمتعته ، فلا بد وأن يأخذ المسافر أنفس الأشياء وأغلى الأشياء وأثمن الأشياء التي يمتلكها ، أو تكون في حوزته . ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول في حديث الثقلين : إني قد دعيت فأجبت ، أو : يوشك أن أدعى فأجيب ، هذه مقدمة حديث الثقلين ، فيخبر رسول الله عن دنو أجله وقرب رحيله عن هذه الحياة ، وحينئذ يقول : وإني تارك ، ولا يخفى أن أغلى الأشياء عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأثمنها في حياته : القرآن والعترة ، فكان ينبغي أن يأخذ القرآن والعترة معه ، لكن مقتضى رأفته بهذه الأمة وحرصه على بقاء هذا الدين هو أن يبقي أغلى الأشياء عنده في هذا العالم ، ويترك الثقلين الأمرين اللذين كان مقتضى الحال أن يأخذهما معه ، فيقول : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ثم يوصيهم بقوله : ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ، فالغرض من إبقاء هذين الأمرين بين الأمة ، والهدف من تركهما فيهم هو أن لا يضلوا من بعده .