نام کتاب : جامع الشتات نویسنده : الخاجوئي جلد : 1 صفحه : 70
وأما رابعا : فلأنه يلزم أن يكون أصول الأبدان وأجزاؤها الأصلية أزلية قديمة ، والحادث إنما هو أجزاؤها الفضلية التي تزيد وتنقص . وعلى هذا فالوجه في بقائها ظاهر ، فإن القديم لا يجوز عليه الزوال ، ولكن لا يعلم من أي طريق حصلت تلك الذرة الأزلية في الرحم حتى خلق منها البدن ، ثم نمي إلى هذه الغاية . وأما خامسا : فلأنه لا يظهر حينئذ وجه لبقائها مستديرة ، لأن كون الذرة - وهي صغار المني - مستديرة مع أنه غير معهود ولا معروف مما لا دليل عليه لا عقلا ولا نقلا ، إلا أن يجعل الاستدارة كناية عن انتقالها من حال إلى حال مع بقائها بذاتها كما سبق . وأما سادسا : فلأن تلك الذرات المسؤولة في الأزل بعد ما جعلت قابلة للخطاب ، إن كانت في تلك المدة المتطاولة الغير المتناهية كاسبة فأين مكسوباتها ؟ وإن لم تكن بل كانت مهملة معطلة لزم التعطيل مع أنه لا وجه لتعطلها مع بقائها وبقاء ما تعلقت هي بها ، وكونها قابلة للخطاب والسؤال والجواب ، فيلزم أن يكون لكل إنسان علوم وكمالات أو نقصان وجهالات غير متناهية ، وطول العهد لو كان منسيا ، مع أنه بعينه جواب التناسخية لما كان منسيا للجميع وخاصة ما هو قريب العهد ، ولا يجد إنسان من نفسه شيئا من ذلك . وأما سابعا : فلأن تلك الذرات لما جعلوا عقلاء عارفين التوحيد فاهمين الخطاب بتعلق روح كل واحدة بها وجب أن ينكروا الميثاق ، لأن أخذه إنما يكون حجة على المأخوذ عليه إذا كان ذاكرا له ، وكيف يجوز أن ينسي الجم الغفير من العقلاء شيئا كانوا عرفوه وميزوه حتى لا يذكره واحد منهم وإن طال العهد ؟ ألا يرى أن أهل الآخرة يتذكرون كثيرا من أحوال الدنيا حتى يقول أهل الجنة لأهل النار : * ( أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ) * [1] ولو جاز أن ينسوا ذلك لجاز أن يكون الله تعالى قد كلف [2] الخلق فيما مضى ثم أعادهم ليثيبهم أو يعاقبهم