نام کتاب : جامع الشتات نویسنده : الخاجوئي جلد : 1 صفحه : 13
ووصلة إلى الحياة الأبدية والفيوضات السرمدية . ولا شك في أن عليا ( عليه السلام ) كان أعقل من عمر بجميع هذه المعاني ، والمعول الأعظم في ذلك النقل الوارد في طريقي المتخاصمين . نعم يمكن أن يقال : إن العقل في أصل اللغة ما كان سببا لجلب النفع ودفع الضر ، ثم إن أهل العرف لما شاهدوا وجود هذا المعنى في أمثال عمر بحسب الظاهر ، وهم - كما قيل - يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ، وذلك مبلغهم من العلم ، أطلقوا عليه اسم العاقل . وأما أهل الحقيقة ، فلما نظروا إلى عواقب الأمور ووجدوا النفع العاجل في جنب الضرر الآجل أقل قليل ، بل لا شئ في الحقيقة ، سلبوا عنه اسم العقل ، وقالوا : إن ما كان في عمر ومعاوية ومن ينزل منزلتهما ، يقال له : الجربزة والنكراء والشيطنة والغوغاء كما أشار إليه ابن سينا في مواضع من هذا الفصل ، وهي شبيهة بالعقل وليست هو . فالاختلاف بين الفريقين ليس في معنى العقل بل في اندراج هذا الفرد في مفهومه ، هذا . ثم بما تقرر في العقول من عدم جواز تفضيل المفضول بل المساوي لامتناع ترجيح أحد المتساويين ، يلزم أن يكون الخليفة أفضل أهل زمانه كلا ، وصاحب النفس القدسية بل صاحب معجزة تدل على خلافته ، وتكون آية ملكه وعلامة سلطانه ، بل يجب أن يكون متصرفا في أجزاء العالم ، ظاهرا بالسيف وباطنا بالهمة وبالجملة : يكون أشبه الخلائق بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) نفسا وروحا وعلما وعملا ، وما هو في المشارق والمغارب إلا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) كما أشير إليه بقوله : * ( وأنفسنا ) * [1] فكان هو الخليفة بالحق ظاهرا وباطنا ، شيد به الله هذا الدين ، أظهره بالسيف وعصمه من الجور ، فحكم بالعدل الذي هو حكم الحق في النوازل ، فهو مع الحق والحق يدور معه حيثما دار . فالذين خرجوا عليه وادعوا خلافه فقد عصوا الله وكفروا به بلا مرية وهم لا يشعرون .