فأخذ بهلول مدَرةً ( قطعة صلبة من الطين ) وضربه فشجه وهرب . فتبعوه وقبضوا عليه ورفعوا أمره إلى الخليفة ، فقال بهلول : إنه يقول أن إبليس مخلوق من النار فلا يمكن أن تؤثر فيه ، وهو مخلوق من تراب فكيف أثر فيه ؟ ويقول أن كل موجود يُرى ، فليُرني الألم الذي برأسه ! ويقول إن الله الفاعل لأفعال العباد ، فإذن الله هو الذي ضربه لا أنا ! وأخيراً أنا أستغرب إن يكون الإنسان مادياً بحتاً . فالعقل والتفكير مثلاً غير محسوس ، فهل هو غير موجود ؟ ! ! وكتب العلماني : للاستفسار فقط . . من أين أتيت بهذه النظرية المادية يا شيخنا الكريم ؟ وهل نسي الماديون أيضاً بأن الجمال والحرية والعدالة والحب والبغض والخير والشر والصداقة والسلام ، كلها غير محسوسة ؟ وهل ينكرون وجودها طبقاً لنظريتهم ؟ واسلم لي . وهنا تخيل غربي أنه وجد فرصة لهجوم ساخر فانقضَّ مهاجماً : شيخنا العاملي . . جديدة عليَّ تماماً هذه المادية المزعومة ، ولا إخالها إلا مما يتعزى به شيوخ الحوزات المباركة . هل تعرف تبعات هذه الخزعبلات يا شيخنا ؟ بعضها يقول ، بأن الماديين لا يعترفون بعلم النفس ، ولا يقيمون له قائمة ، فهو أثرٌ داخلي غير محسوس ، ولا للأحلام ، رغم أنها لا تحتجب عنهم ، كما لا تحتجب على أصحاب العمائم . شيخنا . . الأمر ليس مجرد سفسطة ، ولا هو يقوم على تلاعب بالألفاظ . . المنطق أبسط من كل ذلك ، ودروب العقل أجلى وأوضح . . قل لي فديتك . . ما هي تلك النظرية الحسية التي ستبطل ، إن اعترف صاحبها بالمحسوس ؟ !