واغتموا . فأنزل الله عز وجل بذلك كتابا قرآنا : ألم * غلبت الروم في أدنى الأرض يعني غلبتها فارس : " في أدنى الأرض " وهي الشامات وما حولها : " وهم " يعني وفارس " من بعد غلبهم " الروم " سيغلبون " ، يعني يغلبهم المسلمون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء عز وجل . فلما غزا المسلمون فارس وافتتحوها ، فرح المسلمون بنصر الله عز وجل . قال : قلت : أليس الله عز وجل يقول : في بضع سنين وقد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول الله صلى الله عليه وآله في إمارة أبي بكر وإنما غلب المؤمنون فارس في إمارة عمر ؟ فقال : ألم أقل لكم : إن لهذا تأويلا وتفسيرا ؟ ! والقرآن - يا أبا عبيدة - ناسخ ومنسوخ . أما تسمع لقول الله عز وجل : " لله الأمر من قبل ومن بعد " ؟ ! يعني إليه المشية في القول أن يؤخر ما قدم ويقدم ما أخر في القول إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين . فذلك قوله عز وجل : ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله [ ينصر من يشاء ] أي يوم يحتم القضاء بالنصر . [1] أقول : قد تحصل أن إخباره تعالى بغلبة الروم الفارس في بضع سنين ، مشروط بعدم حدوث مشية جديدة لله سبحانه في تأخير الحادثة أو تقديمها . والآية الكريمة وما ورد في تفسيرها من الروايات تدل على بقاء سلطانه تعالى ونفوذ مالكيته على مشية ثانية أخرى غير الأولى . وله تعالى قضاؤها وإمضاؤها . وله أيضا أن لا يقضيها ولا يمضيها . فالآية الكريمة تكون نصا قاطعا في البداء ومالكيته تعالى للأمر من بعد أمره ، كما كان من قبل أمره سبحانه .