( 12 - المشية والإرادة والقدر والقضاء ) الآيات والأخبار التي أوردناها في البحث عن علمه تعالى ، قد دلت وقامت على أن علمه تعالى بما سواه ليس على سبيل الحضور بالصور ، ولا على سبيل الحصول بذيها ، ولا على سبيل الحكم بالجزئيات المتجددة المتصرمة وغير ذلك مما ذكرنا هناك . بل هو تعالى علم وكشف وعيان بذاته لجميع ما سواه في عرض سواء في شدة غير متناهية كلياتها وجزئياتها ، أعيانها وحوادثها ، ولا معلوم خارجا بوجه . والذات المقدسة والعلم الغيري المتناهي آب عن التعين والتحديد بشئ من هذه النظامات . وإيجاد شئ منها ، لا بد أن يكون عن تعين وتقدير خارجا عن ذاته تعالى ، فيستحيل تحديد ذاته سبحانه بأنه علم بالنظام الواحد الأحسن . فإنه مع بطلانه مستلزم للتوالي الفاسدة الكثيرة . فلا يبعد أن يقال : إن الصحف النورانية التي ذكرناها من العرش والكرسي والكتاب المبين والكتاب المكنون ، التي هي علم وانكشاف حقيقي وحمل الله تعالى ذلك العلم لعدة خاصة من عباده المقربين ، هي مرتبة تعين واحد من هذه النظامات الحسنى . وإحصاؤه تعالى كل شئ في إمام مبين ، عين تعيين الموجودات بهذا