و " الغيب " ما يقابل الشهادة . والمراد منه كل موجود خلقه الله سبحانه وتفرد بعلمه لا يعلمه أحد غيره إلا من اصطفاه من أنبيائه ورسله ويختاره بما شاء وأراد من الغيوب . قال تعالى : عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا . [1] المراد من " الرصد " الذي يسلك من بين ييده ومن خلفه هو عصمة الله المانعة التي اصطفى الله أنبياءه ورسله بهذه الكرامة العظمى فعلم رسله وأنبياءه من الغيوب ما شاء وأراد ، وكذلك غير الأنبياء والرسل من الأوصياء والصديقين ، فجعل لهم أيضا ارتباطا بعالم الغيب يناديهم الملك المحدث ويلقي إليهم شيئا من الغيوب . وهذا يسمى بالتحديث . قال تعالى : إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين . [2] ومثل ما كلم جبرئيل سيدتنا الصديقة الطاهرة وأخبرها من أنباء الغيب وما يحدث من الحوادث في المستقبل ، وعلي عليه السلام - وهو الصديق الأكبر - حاضر وجالس في المحفل يكتب جميع ما يلقيه جبرئيل . وهذه المكتوبات من مواريث بيت النبوة والإمامة ومفاخر علومهم . وهذه هي المسماة بمصحف فاطمة . وهو الآن عند الإمام المنتظر المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف . قوله تعالى : ويعلم ما في البر والبحر . . . عطف على قوله : لا يعلمها . وهذا القسم يسمى بعالم الشهادة . والشهادة ما يقابل الغيب . وهو الذي يتمكن الناس من العلم به . لا نقول : إن كل عين وحادثة في عالم الشهادة يعلمه ويتمكن من العلم به جميع
[1] الجن ( 72 ) / 26 و 27 . [2] آل عمران ( 3 ) / 45 .