ومرجع الاستدلال بالآيات على الصانع سبحانه وإثباته بها ليس إلا التذكر والتنبيه على ما يعرفه الإنسان بالفطرة وقد نسيه وغفل عنه بعوامل تضاده وتزاحمه من تربية الآباء والأمهات . والأباطيل والأضاليل الدائرة في الاجتماع ، وتغلب الفراعنة والجبابرة والمستكبرين الذين لا يزالون يتلاعبون بالحقائق الثابتة ، لا أن الآيات معرفة إياه وكاشفة عنه سبحانه . ونتيجة هذا الاستدلال بروز المعرفة الفطرية المنسية وإخراج الصانع عن الحدين . فهذا الاستدلال إرشاد وتذكرة وتأييد وتثبيت لما كانوا يعرفونه . والأنبياء والربانيون مذكرون لا مصيطرون . فالاستدلال بالآيات متأخرة عن المعرفة الفطرية رتبة . وحيث إنه سبحانه تجلى لخلقه بخلقه وتعرف إلى عباده بآياته والناس لا يقدرون على استقصاء آياته وعلامات ، فأشد الناس معرفة بالله وكمالاته ونعوته ، هو أقدرهم وأقواهم على التدبير والتفكر في خلقه وأعلمهم بصنعه تعالى وسننه سبحانه . فتحصل أن الله سبحانه أجلى وأوضح من أن يعرف بخلقه . فهو الشاهد على نفسه وتوحيده وكمالاته وقدسه وعلوه وامتناعه عن كل ما يقولون . وهو الشاهد على استحالة تشبيهه بخلقه وتطوره بأطوار خلقه وتنزله في مرتبة مخلوقاته وتعينه بحدودها وقبوله الأحكام الجارية على ما سواه سبحانه . ب - قال المولى المحقق صدر الدين الشيرازي : " تنبيه : إياك أن تزل قدمك من استماع هذه العبارات وتتوهم أن نسبة الممكنات إليه تعالى بالحلول والاتحاد ونحوهما . هيهات ! إن هذه يقتضي الاثنينية في أصل الوجود . وعندما طلعت شمس الحقيقة وسطع نورها النافذ في أقطار الممكنات ، المنبسط على هياكل المهيات ، ظهر وانكشف أن كلما يقع عليه اسم الوجود ليس إلا شأنه من شؤون الواحد القيوم ، ولمعة من لمعات نور الأنوار . وما وضعناه أولا