قوله تعالى : وأشهدهم على أنفسهم ، أي : إنه تعالى أشهدهم على أنفسهم أنه سبحانه ربهم ومالكهم . قوله تعالى : ألست بربكم . هذه الجملة المباركة هو الغرض الأصيل من هذه الكريمة . فإن الله سبحانه قد أكرم ذرية بني آدم بالخطاب الحضوري وخاطبهم بقوله : ألست بربكم . فإنه سبحانه قد عرف نفسه إليهم وأسمعهم كلامه وأخذهم بالإقرار بربوبيته وطالبهم بالتعهد والإيمان والوفاء بما عرفوا من ربوبيته وتوحيده في ربوبيته وجميع نعوته وكمالاته فقالوا بأجمعهم : بلى أنت ربنا ومولانا . وعرفهم أيضا أنه يجب عليهم ولايته وولاية أوليائه بولايته وعداوة أعدائه وأعدائهم بعداوته . وقد من الله عليهم بهذه الكرامة الكبرى والموهبة العليا . فسبحانه من إله ما أعجب صنعه وما أجل كرامته ونعمته وإحسانه على هذا الخلق ! قوله تعالى : شهدنا ، أي ، إنهم قالوا : سمعنا وأقررنا وآمنا وأطعنا ونحن على ذلك من الشاهدين . قوله تعالى : أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا . . . . أي : إنما فعلنا ما فعلنا من المعرفة الصريحة والتعهد الصادق بالوفاء والخضوع لأمر الله سبحانه لإيضاح المحجة وإتمام الحجة ، لئلا يتمكن أحد من دعوى الجهالة والغفلة ، ولا يتمكن أيضا أحد أن يقول : إنما أشركنا بشرك آبائنا . ضرورة أنه لا فرق بين الآباء والأبناء فإن الخلق كلهم كانوا حاضرين في موضع الخطاب في عرض سواء فلا محصل لقولهم هذا . والروايات الواردة في تفسير هذه الآية الكريمة ستتلى عليك عن قريب إن شاء الله .