وأضع عنهم الآصار ، أملأ أرضي به حناناً ورأفةً وعدلا كما ملئت من قبله قسوةً وقشعريةً وجوراً . قال آدم عليه السلام : ربّ إنّ الكريم من كرّمت ، وإنّ الشريف من شرّفت ، وحقّ يا إلهي لمن رفعت وأعليت أن يكون كذلك . فيا ذا النعم التي لا تنقطع ، والإحسان الذي لا يجازى ولا ينفذ ، بم بلغ عبادك هؤلاء العالون هذه المنزلة من شرف عطائك وعظيم فضلك وأحبائك وكذلك من كرمت من عبادك المرسلين ؟ قال الله تبارك وتعالى : إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا الرحمن الرحيم ، العزيز الحكيم ، عالم الغيوب ومضمرات القلوب ، أعلم ما لم يكن ممّا يكون كيف يكون ، وما لا يكون ، وكيف لو كان يكون ، وإنّي اطّلعت يا عبدي في علمي على قلوب عبادي ، فلم أرَ فيهم أطوع لي ولا أنصح لخلقي من أنبيائي ورسلي ، فجعلت لذلك فيهم روحي وكلمتي ، وألزمتهم عب حجّتي ، واصطفيتهم على البرايا برسالتي ووحيي ، ثمّ ألقيت بمكاناتهم تلك في منازلهم حوامّهم وأوصيائهم من بعدهم ، ودائع حجّتي والسادة في بريّتي ، لأجبر بهم كسر عبادي ، وأقيم بهم أودهم ، ذلك أنّي بهم وبقلوبهم لطيف خبير . ثمّ اطّلعت على قلوب المصطفين من رسلي فلم أجد فيهم أطوع ولا أنصح لخلقي من محمّد خيرتي وخالصتي ، فاخترته على علم ورفعت ذكره إلى ذكرى ، ثم وجدت قلوب حامته اللاتي من بعده على صبغة قلبه ، فألحقتهم به وجعلتهم ورثة كتابي ووحيي وأوكار حكمتي ونوري ، وآليت بي ألا أعذّب بناري من لقيني معتصماً بتوحيدي وحبل مودّتهم أبداً . ثمّ أمرهم أبو حارثة أن يصيروا إلى صحيفة شيث الكبرى التي انتهى