فصالحهم على ذلك ، وقال : والذي نفسي بيده ، إنّ الهلاك قد تدلّى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لمسخوا قردةً وخنازير ، ولاضطرم عليهم الوادي ناراً ، ولاستأصل الله نجران وأهله حتّى الطير على رؤوس الشجر ، ولما حال الحول على النصارى كلّهم حتّى يهلكوا . وعن عائشة رضي الله عنها : أنّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم خرج وعليه مرط مرجل من شعر أسود ، فجاء الحسن فأدخله ، ثمّ جاء الحسين فأدخله ، ثمّ فاطمة ، ثمّ عليّ ، ثمّ قال : ( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ) . فإن قلت : ما كان دعاؤه إلى المباهلة إلاّ لنبين الكاذب منه ومن خصمه وذلك أمر يختصّ به وبمن يكاذبه ، فما معنى ضمّ الأبناء والنساء ؟ قلت : ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه ، حيث استجرأ على تعريض أعزّته وأفلاذ كبده وأحبّ الناس إليه لذلك ، ولم يقتصر على تعريض نفسه له ; وعلى ثقته بكذب خصمه حتّى يهلك خصمه مع أحبّته وأعزّته هلاك الاستئصال إن تمّت المباهلة . وخصّ الأبناء والنساء لأنّهم أعزّ الأهل وألصقهم بالقلوب ، وربّما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتّى يقتل ، ومن ثمّة كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعائن في الحروب لتمنعهم من الهرب ، ويسمّون الذادة عنها بأرواحهم حماة الحقائق . وقدّمهم في الذكر على الأنفس لينبّه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم ، وليؤذن بأنّهم مقدّمون على الأنفس مفدون بها . وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهم السلام .