لكم ) [1] . أقول : أمّا القول الأخير فقد ردّه الكل ، حتّى نصّ بعضهم على قبحه ، وقد بيّنّا أن لا منافاة بين الآيتين أصلاً ، بل إحداهما مؤكّدة لمعنى الأخرى . وأمّا الذي قبله ، فلا ينبغي أن يذكر في الأقاويل ، لأنّه قول بلا دليل ، ولذا لم يعبأ به أهل التفسير والتأويل . وأمّا القول بأنّ المراد هو « التقرّب » فقد حكي عن الحسن البصري [2] وظاهر العيني اختياره له [3] . واستدلّ له في « فتح الباري » بما أخرجه أحمد من طريق مجاهد عن ابن عبّاس أيضاً : إنّ النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال : « قل لا أسألكم عليه أجراً على ما جئتكم به من البيّنات والهدى إلاّ أن تقرّبوا إلى الله بطاعته » . لكن قال ابن حجر : « وفي إسناده ضعف » [4] . وهو مردود أيضاً بأنّه خلاف المتبادر من الآية ، وأنّ النصوص على خلافه . . . وهو خلاف الذوق السليم . وأمّا القول الأوّل من هذه الأقوال ، فهو الذي اقتصر عليه ابن تيميّة فلم يذكر غيره ، واختاره ابن حجر ، ورجّحه الشوكاني . . . والدليل عليه ما اخرجه
[1] سورة سبأ 34 : 47 . [2] التفسير الكبير 27 : 165 ، فتح الباري 8 : 458 وغيرهما . [3] عمدة القاري 19 : 157 . [4] فتح الباري بشرح صحيح البخاري 8 : 458 .